رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مراحل القراءة الربّيّة أولاً قراءة النصّ (lectio): ماذا يقول النّصّ بحدّ ذاته؟ بدون هذه الخطوة الأولى يكون هناك خطر الإنزلاق نحو القراءة الفردانيّة فلا نخرج من أفكارنا ولا نلتقي بالآخر. فالإصغاء إلى كلام الله شرط البدء بحوار الحياة مع الرّبّ. عليّ أن ألقي بذاتي في النّصّ لأفهم قصد الكاتب الملهم، لا بل قصد النّصّ بحدّ ذاته. هكذا فقط أصل إلى فهم ما يريد الله أن يقول لي اليوم في حياتي. ثانياً ننتقل إلى التأمّل (meditatio): ماذا يقول لنا النّصّ؟ يجب أن ندع النّصّ يساءلنا لينير حياتنا: هل أعيش اليوم هذه الكلمة؟ كيف يمكن أن تصبح هذه الكلمة قصد حياة؟ كم اكتشفت أنّي بعيد عن كمال الكلمة أو على الأقلّ أجدُني صغيراً أمام عظمة الإنجيل. لذلك لا يسع الإنسان سوى الانتقال إلى الصلاة. ثالثاً نتابع التأمّل بالصلاة (oratio): ماذا نقول للرّبّ جواباً على كلمته؟ الصلاة من حيث انّها طلب وشفاعة وشكر وحمد، هي الأرض الخصبة التي تسمح للكلمة أن تثمر في حياتنا. وأخيراً تنتهي القراءة الربيّة بالمشاهدة (contemplatio) التي تدخلنا إلى نظر الرّبّ فنرى كلّ شيء في حياتنا على ضوء كلمته. نتساءل: كيف أتوب فيتحوّل عقلي وقلبي وحياتي استجابةً لكلمة الله؟ يستشهد قداسة البابا هن برسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة: «هذه هي عبادتكم الرّوحيّة. ولا تتشبّهوا بهذه الدّنيا، بل تحوّلوا بتجدّد عقولكم لتتبيّنوا ما هي مشيئة الله، أي ما هو صالحٌ وما هو مرضيٌّ وما هو كامل» (١٢ : ٢). فالمشاهدة تحملنا على خلق رؤية حكيمة للواقع وتكوين فكر المسيح فينا (١ قورنتس ٢ : ١٦). هكذا تكون كلمة الله مقياس التمييز في حياتنا على قول كاتب الرسالة إلى العبرانيين: «إنّ كلام الله حيٌّ ناجع، أمضى من كلّ سيفٍ ذي حدّين، ينفذُ إلى ما بين النّفس والرّوح، وما بين الأوصال والمخاخ، وبوسعه أن يحكمََ على خواطر القلب وأفكاره، وما من خلقٍ يخفى عليه، بل كلُّ شيءٍ عارٍ مكشوفٌ لعينيه، وله يجب علينا أن نؤدّي الحساب» (٤ : ١٢ -١٢). كما يجب أن نذكر أنّ القراءة الرّبّيّة لا يمكن أن تنتهي إذا لم تصل إلى العمل (actio) فينتقل المؤمن إلى بذل ذاته من أجل الآخرين بالمحبّة. قراءة، تأمل، صلاة، مشاهدة وحياة، مراحل نجدها في أبهى صورها في مريم، أمّ الكلمة المتجسّد. مريم مثال المؤمن الّذي يقبل عطيّة الكلمة بالطاعة. «وكانت مريم تحفظ جميع هذه الأمور، وتتأمّلها في قلبها» (لوقا ٢ : ٢٠). هكذا كانت أمّ يسوع تعرف كيف تجمع في مخطّط الله الواحد بين الأحداث والأعمال والأقوال التي تبدو وكأنّها بعيدة الواحدة عن الأخرى. أودّ أن أذكر ما كان السينودس قد أوصى به، يقول قداسة البابا، حول أهميّة القراءة الشخصيّة للكتاب المقدّس، وهي عمل تقويٌّ يسمح للمؤمن أن ينال الغفران لنفسه أو للمنتقلين إلى الحياة الأبديّة، وذلك حسب تنظيم الكنيسة. […] هكذا تقوّينا كلمة الله في مسيرة التوبة وتعمّق فينا حسّ الانتماء للكنيسة وتفتح أمامنا باب الإلفة مع الله. وكان القدّيس أمبروسيوس قد قال: عندما نحمل الكتاب المقدّس بأيدينا ونطالعه مع الكنيسة، يرجع الانسان إلى التنزّه مع الله في الجنّة (رسالة ٤٩، ٣). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|