رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المعنى السرِّي لدخول الرب أورشليم: + يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: عندما أرسل الرب تلميذيه ليُحضِرا الأتان والجحش، أخبرهما مُسبقاً أنه لن يعترضهما أحد. لقد حثَّ الرب (سرّاً) أُناساً لم يعرفوه قط ولم يكن قد رآهم أن يُسلِّموا ما يمتلكونه بدون أية كلمة، وذلك بواسطة تلميذيه، في حين أن معظم اليهود رفضوا أن يطيعوه عندما صنع العجائب والمعجزات أمامهم. لا تنظروا إلى هذا الأمر كأنه قليل الأهمية، لأنه مَن هو الذي استحثهم على عدم معارضة التلاميذ عندما أخذوا منهم ما يملكون، وهم فقراء وفلاحون، بل حتى ولا أجابوا على ردِّ التلميذَين بأن الرب محتاجٌ إليهما إلاَّ بالصمت والخضوع، ولا سيما وهم لم يروا الرب نفسه، بل تلميذيه فحسب؟ وهكذا يُعلِّمنا الرب أنه كان يمكنه أن يكبح جماح اليهود، ولو حتى ضد إرادتهم، عندما كانوا مزمعين أن يضعوا أيديهم عليه، وأن يبتليهم بالعمى أو الخرس، ولكنه لم يشأ ذلك. ومن هذا يُعلِّم أيضاً تلاميذه أنه مهما طلب منهم يعطوه ولو حياتهم نفسها، لأنه إن كان الذين لم يعرفوه أطاعوه، فكم بالحري أتباعه! إن الرب بركوبه على جحش يُتمِّم نبوَّتين: الأولى نبوَّة زكريا: «هوذا ملكُكِ يأتي إليكِ… وهو وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان» (زك 9: 9)؛ والثانية التي أخبر فيها أنبياءه بدعوة الأمم غير الطاهرين، وأنهم سيأتون إليه ويتبعونه، وأنه سيجد راحته فيهم (لأن الحمار كان من الحيوانات غير الطاهرة حسب الناموس، ولذلك فهو هنا يرمز إلى الأمم). وهكذا فإن تحقيق إحدى النبوَّات يُفسِح المجال لتحقيق الأخرى. ويشير الجحش إلى الشعب الجديد الذي كان قبلاً نجساً، ولكنه صار طاهراً بمجرد أن ارتاح الرب يسوع عليه. وكما أن التلاميذ هم الذين حلُّوا الدابتين، هكذا بواسطة التلاميذ أيضاً دُعينا نحن (الأمم) وهم (اليهود) إلى الإيمان، وبواسطة الرسل جيء بنا كلينا إلى الرب يسوع. وبسبب أن مجد دعوتنا قد جعل اليهود يَغارون، هكذا وُجدت الأتان تابعة للجحش، لأنه بعد أن أُجلِسَ المسيح على قلوب الأُمم سيأتي اليهود أيضاً مدفوعين بالغيرة، وهو ما قاله بولس الرسول: «إن القساوة قد حصلت جزئياً لإسرائيل إلى أن يدخل ملؤ الأمم، وهكذا سيخلُص جميع إسرائيل» (رو 11: 26،25). وواضح أن هذه نبوَّة، وإلاَّ لما كان زكريا النبي اهتم بأن يذكر «أتان وجحش ابن أتان». ويُعطينا الرب هنا أيضاً مثالاً حكيماً لحياتنا اليومية، فبالإضافة إلى الأمثلة العديدة لفقره وعوزه، يُظهِر لنا أنه لا داعي لأن يمتطي جواداً، بل يكفيه حمارٌ. فنحن في أي مكان ينبغي أن نقنع بما يكفي لاحتياجنا. لم يستقل الرب مركبة كالملوك الآخرين، ولا طلب تعظيماً من الناس، ولا أن يلتفَّ حوله الضباط والحرَّاس، وفي هذا أيضاً يُظهِر الوداعة. وهنا اسألوا اليهود: أيُّ ملكٍ حدث قط أن دخل أورشليم راكباً على أتان؟ فلا يمكنهم أن يُخبِروا عن أحدٍ فعل ذلك سوى الرب! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|