رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الكهنة والعيوب الخلقية (الجسدية): 16 وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 17 «كَلِّمْ هَارُون قَائِلًا: إِذَا كَانَ رَجُلٌ مِنْ نَسْلِكَ فِي أَجْيَالِهِمْ فِيهِ عَيْبٌ فَلاَ يَتَقَدَّمْ لِيُقَرِّبَ خُبْزَ إِلهِهِ. 18 لأَنَّ كُلَّ رَجُل فِيهِ عَيْبٌ لاَ يَتَقَدَّمْ. لاَ رَجُلٌ أَعْمَى وَلاَ أَعْرَجُ، وَلاَ أَفْطَسُ وَلاَ زَوَائِدِيٌّ، 19 وَلاَ رَجُلٌ فِيهِ كَسْرُ رِجْل أَوْ كَسْرُ يَدٍ، 20 وَلاَ أَحْدَبُ وَلاَ أَكْشَمُ، وَلاَ مَنْ فِي عَيْنِهِ بَيَاضٌ، وَلاَ أَجْرَبُ وَلاَ أَكْلَفُ، وَلاَ مَرْضُوضُ الْخُصَى. 21 كُلُّ رَجُل فِيهِ عَيْبٌ مِنْ نَسْلِ هَارُونَ الْكَاهِنِ لاَ يَتَقَدَّمْ لِيُقَرِّبَ وَقَائِدَ الرَّبِّ. فِيهِ عَيْبٌ لاَ يَتَقَدَّمْ لِيُقَرِّبَ خُبْزَ إِلهِهِ. 22 خُبْزَ إِلهِهِ مِنْ قُدْسِ الأَقْدَاسِ وَمِنَ الْقُدْسِ يَأْكُلُ. 23 لكِنْ إِلَى الْحِجَابِ لاَ يَأْتِي، وَإِلَى الْمَذْبَحِ لاَ يَقْتَرِبُ، لأَنَّ فِيهِ عَيْبًا، لِئَلاَّ يُدَنِّسَ مَقْدِسِي، لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ مُقَدِّسُهُمْ». 24 فَكَلَّمَ مُوسَى هَارُونَ وَبَنِيهِ وَكُلَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ. اشترطت الشريعة في الكاهن الذي يمارس الأعمال الكهنوتية كتقديم الذبيحة والبخور... ألا يكون به عيب، فلا يكون أعمى أو أعرج ولا أفطس ولا زوائدي ولا أحدب ولا أكشم ولا من في عينه بياض ولا أجرب ولا أكلف ولا مرضوض الخصي [18-19]. لذلك عندما يبلغ أبناء الكهنة السن القانوني لاستلام العمل الكهنوتي يفحصهم الشيوخ أعضاء مجمع السنهدريم ويفرز الذين بلا عيب للعمل الكهنوتي الكامل أما من به عيب فيقوم ببعض أعمال كهنوتية بسيطة مثل إيقاد النار... إلخ. في العهد الجديد اشترط بولس الرسول في الأسقف أن يكون بلا عيب (1 تي 3: 2)، وأن تكون له شهادة حسنة من الذين هم من خارج (1 تي 3: 7). وقد رأى البابا غريعوريوس (الكبير)في الشريعة التي بين أيدينا فهمًا رمزيًا لشروط الكاهن، إذ يجب ألا يقبل من كان أعمى أو أعرج أو أفطس... روحيًا، وفيما يلي مقتطفات من كلماته التي وردت في حديثه عن "الرعاية": [الأعمى هو الذي لا يعرف ضياء التأمل السمائي، فالذي أدركته ظلمة العالم الحاضر لا يستطيع أن يدرك النور الآتي لأنه لا يشتاق إليه. لذلك فهو لا يعرف أن يخطو أو يعرف إلى أين يمضي، ومن ثم قالت حنة النبية: "أَرْجُلَ أَتْقِيَائِهِ يَحْرُسُ، وَالأَشْرَارُ فِي الظَّلاَمِ يَصْمُتُونَ" (1 صم 2: 9). الأعرج هو الذي يعرف حقًا الطريق لكنه لا يستطيع أن يسير فيه بثبات بسبب نفسه العليلة، ولأنه لا يستطيع أن يرتفع بعاداته القبيحة إلى مستوى الفضيلة، فإنه لا يملك القوة ليسلك تبعًا لإرادته. لذلك قال القديس بولس الرسول: "قَوِّمُوا الأَيَادِيَ الْمُسْتَرْخِيَةَ وَالرُّكَبَ الْمُخَلَّعَةَ، وَاصْنَعُوا لأَرْجُلِكُمْ مَسَالِكَ مُسْتَقِيمَةً، لِكَيْ لاَ يَعْتَسِفَ الأَعْرَجُ، بَلْ بِالْحَرِيِّ يُشْفَى" (عب 12: 12-13). الأفطس هو الذي يعجز عن التمييز، فنحن نميز بحاسة الشم الروائح الذكية من العفنة. إن هذه الحاسة تُشير حقًا إلى حاسة التمييز التي بها نختار الفضيلة ونرفض الرذيلة. لذلك قيل في مدح الكنيسة العروس: "أنفك كبرج لبنان" (نش 7: 4). فالكنيسة المقدسة تدرك تمامًا بالتمييز التجارب التي تُثار عليها بأسباب متنوعة، وتعرف مقدمًا - من فوق برجها - معارك الشر المزمعة أن تحدث. الزوائدي... بعض الناس ينشغلون دائمًا بأسئلة فضولية أكثر من اللازم، وهم لا يعترفون أنهم أغبياء، ولكنهم يفرطون في الثقة بنفوسهم، لذلك أضاف الكتاب قائلًا: "ولا زوائدي". ومن الواضح أن الأنف الكبير المنحني يعبر عن إفراط في التمييز، وهذا الإفراط يشوه كمال هذه الحاسة وجمالها. الرجل الذي فيه كسر رجل وكسر يد هو الذي لا يستطيع مطلقًا أن يسير في طريق الله وقد تجرد تمامًا من نصيب الأعمال الصالحة. في هذا يختلف عن الأعرج الذي يمكنه - ولو بصعوبة - الاشتراك في الأعمال الصالحة، أما المكسور فقد تجرد منها تمامًا. الأحدب هو الذي يرزح تحت ثقل الهموم العالمية فلا يمكنه أن يرفع عينيه إلى ما هو فوق بل يُثبتها على موطئ الأقدام حيث أدنى الأشياء. وهو إن سمع أخبارًا سارة عن مسكن الآب السماوي فإنه - تحت ثقل عاداته الشريرة - لا يستطيع أن يرفع محيا قلبه ولا يستطيع حتى أن يرتفع بفكره الذي ربطته الهموم العالمية إلى الأرض. هذا الإنسان يقول عنه المرتل داود: "لويت انحنيت إلى الغاية" (مز 38: 6). ويقول الإله المتجسد عن هؤلاء رافضًا آثامهم: "والذي سقط بين الشوك هم الذين يسمعون ثم يذهبون فيختنقون من هموم الحياة وغناها ولذاتها ولا ينضجون ثمرًا" (لو 8: 14). أما الأكشم أو مَنْ على عينيه غشاوة فهو الذي بنظراته الطبيعية يضيء بمعرفة الحق لكن عينيه أظلمتا بالأعمال الجسدية، فالعين التي عليها غشاوة تكون حدقتها سليمة لكن الجفون تضعف وتنتفخ بسبب الإفرازات وتذبل بسبب سيل الدموع فتضعف حدقة العين. إن البعض تضعف بصريتهم بسبب الحياة الجسدية، هؤلاء كان لهم قدرة تمييز الخير لكن بصيرتهم اظلمت بسبب اعتيادهم فعل الإثم. الذي على عينيه غشاوة هو الذي كان له بالفطرة فطنة الحواس لكنه شوهها بحياته الفاسدة. لمثل هؤلاء يقول الملاك: "كَحِّل عينيك بكحل لكي تبصر" (رؤ 3: 18). إن كحلنا عيوننا بكحل لنبصر فإننا نقوي عيون أفهامنا بأدوية الأعمال الصالحة لتبصر بريق النور الحقيقي. أما الذي في عينيه بياض فهو الذي حرم من معاينة النور الحقيقي بسبب عماه مدفوعًا بادعاء الحكمة والصلاح. إن حدقة العين تبصر إن كانت سوداء لكن إن كان بها بياض فهي لا تبصر شيئًا، فمن الواضح أنه حينما يدرك الإنسان أنه أحمق وأثيم فإنه يفهم بقوى عقله مدى وهج الضياء الداخلي، لكنه إذ يعزي إلى نفسه إشراق الحكمة والصلاح فإنه يحجز عنها ضياء المعرفة الفائق، أما بالنسبة لكبرياء مجده الذاتي فإنه يعبث إذ يحاول إدراك بريق النور الإلهي فقد قيل عن البعض: "بينما هم يزعمون أنهم حكماء صاروا جهلاء" (رو 1: 22). أما الإنسان الأجرب فهو الذي يسوده دائمًا بطر الجسد. ففي حالة الجرب تنتثر الحرارة الداخلية على الجلد، وهذه الحالة تمثل الدعارة تمامًا. وهكذا عندما يُترجم إغراء القلب بالأفعال فإننا نستطيع أن نقول أن الحرارة الداخلية تنتثر كما ينتثر الجرب على الجلد، أما الأذى الظاهر الذي يلحق بالجسد فإنه يطابق هذه الحقيقة. إنه كما أن الشهوة إذا لم تخضع في الفكر فإنها تسود بالفعل، لذلك كان بولس مهتمًا بتطهيرها كما لو كانت جربًا على الجلد فقال: "لم تصبكم تجربة إلاَّ بشرية" (1 كو 10: 13). وكأنه يُريد أن يوضح أنه كبشر لا بُد أن نقاسي من تجارب الفكر، ولكن إن تغلبت علينا في وسط حربنا معها واستقرت في قلوبنا فإن هذا يكون من الشيطان. أما الأكلف فقد أتلف الطمع عقله، فإن لم يضبط هذا الطمع في الأمور الصغيرة فإنه سيسود على حياته كلها. إن الكلف يغزو الجسد لكنه لا يسبب آلامًا، وينتشر على المريض دون أن يُضايقه، لكنه يشوه جمال الأعضاء، وهكذا الطمع أيضًا إذ يملأ عقل ضحيته بالسرور إلاَّ أنه يُنجسه. وإذ يضع أمام الفكر أشياء ليقتنيها فإنه يثيره بالبغضة والعداوة. أما أنه لا يسبب آلامًا فهذا لأنه يعد النفس العليلة بأشياء كثيرة وفيرة ثمنًا للخطية. أما أن جمال الأعضاء يتشوه فهذا لأن الجشع يشوه جمال الفضيلة، أي أن الجسد كله يفسد حقًا إذا ملأت الرذائل نفس الإنسان، لذلك يقول القديس بولس بحق: "لأن محبة المال أصل لكل الشرور" (1 تي 6: 10). أما مرضوض الخصي، مع أنه لا يفعل النجاسة إلاَّ أنه يرزح تحت نير التفكير الدائم فيها بإفراط، ومع أنه لم يتدنس أبدًا بالفعل إلاَّ أن قلبه افتتن بلهو الدعارة دون أي وخز للضمير. إن مرض ارتضاض الخصية يحدث نتيجة دخول سائل داخلي في الخصية فيسبب مضايقات وتورم معيب. فمرضوض الخصي إذن هو الذي يترك لِفِكره العنان في الأمور التي تُحَرِّك الشهوة، وبذلك يحمل في قلبه حِمْلًا دنيئًا لا تستطيع نفسه أن تلقيه عنها وهو يفتقر في نفس الوقت إلى القوة ليرتفع بنفسه إلى التدرب العلني على الأعمال الصالحة إذ هو يرزح تحت ثقل أعماله الفاضحة الخفية. إذن فليمتنع كل مَنْ به إحدى هذه العيوب التي سبق ذكرها عن تقديم خبز الرب، لأنه لا يستطيع إنسان أن يكفر عن ذنوب الآخرين ما دامت نقائصه الشخصية تملك عليه]. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|