رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
آلام الرب يسوع المسيح بعد أن جاهدت الكنيسة الجهاد الحسن خلال الصيام الأربعيني، وصلنا إلى أسبوع الآلام، فعشناه مع بعضنا بعضاً خطوة خطوة، وذكّرتنا القراءات من الكتاب المقدس بمواقف السيد المسيح، وإنبائه بأن الآلام آتية، وابن الإنسان يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيراً، وَيُرْفَضَ مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَبَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ يَقُومُ. وَقَالَ الْقَوْلَ عَلاَنِيَةً. وأكّد متّى الإنجيلي ما قاله مرقس، أن يسوع أظهر لتلاميذه أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم، وعندما كان يشرح لتلاميذه قول الكتبة بأن إيليا ينبغي أن يأتي أولاً، بيّن بأن إيليا قد جاء ولم يعرفوه، بل عملوا به كل ما أرادوا، كذلك ابن الإنسان أيضاً سوف يتألّم منهم. وحتى بعد قيامته عندما مشى يسوع الناهض من بين الأموات مع التلميذين وكانا منطلقين إلى عمّاوس، وقد أُمسِكَت أعينهما عن معرفته، وبعد أن شرحا له ما وقع في أورشليم من أحداثٍ ليسوع الناصري الذي بحسب وصفهما: كان إنساناً نبياً مقتدراً في الفعل والقول أمام الله وجميع الشعب، وقد استغربا كيف أن رؤساء الكهنة وحكّامهم قد أسلموه لقضاء الموت، وصلبوه، كان جواب الرب لهما: أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ. أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهَذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ. ثم تأتي شهادة لوقا البشير وابتدأ يفسّر لهما من موسى ومن جميع الأنبياء الأمور المختصة في جميع الكتب، وكأنه يؤكّد على أن الآلام التي تحمَّلها كانت محتَّمةً، وهذه شهادة صادقة تأتي من الأنبياء بدءاً من موسى، في حقيقة الآلام. وأدّت هذه الآلام إلى أن يجثو يسوع على ركبتيه، ويصلّي في جبل جثسيماني صلاةً، عبّرت عن عمق هذا الألم قائلاً: يَا أَبَتَاهُ إِنْ شِئْتَ أَنْ تُجِيزَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسَ. كان يتحدّث عن مرارة الكأس، أي عن المرحلة التي سبقت الموت، وكان يرسم حدود ذبيحة الصليب بدقةٍ لتبلغَ مواصفاتها كفديةٍ لدى الآب وَإِذْ كَانَ فِي جِهَادٍ كَانَ يُصَلِّي بِأَشَدِّ لَجَاجَةٍ وَصَارَ عَرَقُهُ كَقَطَرَاتِ دَمٍ نَازِلَةٍ عَلَى الأَرْضِ. ورغم أن نفسه نازعته نِزاع الموت مرّاتٍ ومرّات، وقطرات الدمِ النازلةِ على الأرض كانت قمّة آلامِ الفداء، ولكن رغم كلِّ هذا سلّم كل شيءٍ إلى إرادةِ الآب، وَلَكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ. مرحلة الألم التي سبقت الصلب والموت لا تقلّ أهمّيةً عن المراحل الأخرى، وقد شرحها لنا معلّمنا بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين، إذ قال: الَّذِي، فِي أَيَّامِ جَسَدِهِ، إِذْ قَدَّمَ بِصُرَاخٍ شَدِيدٍ وَدُمُوعٍ طِلْبَاتٍ وَتَضَرُّعَاتٍ لِلْقَادِرِ أَنْ يُخَلِّصَهُ مِنَ الْمَوْتِ، وَسُمِعَ لَهُ مِنْ أَجْلِ تَقْوَاهُ. مَعَ كَوْنِهِ ابْناً تَعَلَّمَ الطَّاعَةَ مِمَّا تَأَلَّمَ بِهِ. وَإِذْ كُمِّلَ صَارَ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُطِيعُونَهُ سَبَبَ خَلاَصٍ أَبَدِيٍّ. هذه الصرخات التي اقترنت بالدموع، والطلبات، والتضرعات، هي في الحقيقة صرخاتنا ودموعنا، وتوسّلاتنا وطلباتنا وتضرّعاتنا، لأن يسوع المسيح عندما تجسّد أراد أن يحمل كل أوجاعنا وآلامنا، وعندما تألّم تألّم من أجلنا. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|