رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
سقوطهم جميعًا تحت التأديب [13-16]: يؤكِّد الرب أنهم إذ أخطأوا فلا إمكانيّة للهروب من التأديب، وقد بدأ حديثه بالقول: "هأنذا أضغط ما تحتكم كما تضغط العجلة الملآنة حزمًا" [13]. وفي كثير من الترجمات: "هأنذا أضغط من تحتكم كما تضغط العجلة الملآنة". وكأن الله يشكو من ثقل خطايانا التي تضغط عليه، وكأننا عجلة مملوءة حزمًا. الله الذي يحمل العالم كله بكلمة قدرته يئن من خطايانا وآثامنا! يقول: "لستُ أطيق الإثم والاعتكاف، رؤوس شهوركم وأعيادكم بغضَتْها نفسي، صارت عليَّ ثقلًا، مللت حملها" (إش 1: 13-14). مرة أخرى إذ يرى يرّتد شعبه عنه يقول في مرارة: "قد انقلب عليَّ قلبي" (هو 11: 8). ليتنا لا نكون كالعجلة المملوءة حزم شرّ، تثقل على نفس قلب أبينا السماوي، وتضغط على فادينا القائل: "نفسي حزينة جدًا حتى الموت... يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عنيَّ هذه الكأس" (مت 26: 38-39)، وإنما لنكن مركبة الله الناريَّة نحمل طبيعته السماويَّة عاملة فينا، فلا نُمثِّل ثقلًا وضغطًا عليه بل نطير بروح الله القدُّوس محلِّقين في السمويًّات، مُرتفعين من مجد إلى مجد بلا عائق! ليتنا عِوض أن نكون عجلة مثقَّلة بحزم الشرّ المعطِّلة لعمل الله الخلاصي، نكون كسحابة خفيفة سريعة حاملة للرب الراكب عليها، متَّجهًا نحو مصر ليُقيم له مذبحًا في وسطها (إش 19). يُكمل الرب حديثه: ويبيد المناص عن السريع، والقوي لا يشدِّد قوَّته، والبَطل لا ينجيَّ نفسه وماسك القوس لا يثبت، وسريع الرجلين لا ينجو، وراكب الخيل لا يُنجيَّ نفسه، والقوي القلب بين الأبطال يهرب عريانًا في ذلك اليوم يقول الرب" [14-19]. يا لها صورة قاسية وصعبه، فإنه لا يستطيع أحد مهما بلغت حكمته وإمكانيَّاته الهروب من التأديب. فيبيد المناص عن السريع، أي يهرب الملجأ أو المفر عمن يظن في نفسه أنه سريع البديهة، قادر على الفرار. فإنه في ذلك الوقت إذ يسقط الإنسان تحت ثمر خطاياه لا تنقذه إمكانيَّاته الفكريَّة في ذلك الوقت على التصرُّف (السريع)، ولا قوَّة الجسد تشدِّده، ولا بطولته التي اشتهر بها، ولا القوس الذي في يديه ولا الخيل الذي يركبه ولا قوَّة القلب التي عُرف بها... أنه لا يقدر على النجاة، بل يقف عاريًا لأنه يوجد غير لابس "المسيح" برِّنا! ليتنا نقتني "المسيح يسوع" ربنا في داخلنا، هو وحده الذي نلبسه فيسترنا، ندخل فيّه فنحتمي، نمسك بصليبه كقوس قوي لا يخيب، تتشدَّد أرجلنا فنسلك طريق الحق، ويكون لنا إمكانيَّة الانطلاق لا بخيل بل بمركبة سماويَّة ويتشدّد قلبنا به، فيتحوَّل يوم الرب إلى يوم بهجة ونصرة. يسوعنا وحده هو قوَّتنا ونصرتنا وسلاحنا الروحي وثوبنا الأبدي ومجدنا وفرحنا الذي لا يُنزع عنَّا. في القديم كان عمل الناموس أن يُعلن بطلان كل إمكانيَّاتنا البشريَّة في الخلاص لا لنعيش محطَّمين وإنما لنقبل مسيحنا كمصدر حق لخلاصنا. تطلَّع المرتِّل إلى من حوله لعلَّه يجد في الرؤساء عونًا لكنه أدرك ضعفهم، إذ يقول: "لا تتَّكلوا على الرؤساء ولا على ابن آدم حيث لا خلاص عنده، تخرج روحه فيعود إلى ترابه" (مز 146: 3). وفي مرارة لم يجد حتى في والديه إمكانيَّة الخلاص: "أبي وأمي قد تركاني والرب يضمّني" (مز 27: 10). وإذ لم يجد في كل البشر معينًا قال: "أنا قلت في حيرتي كل إنسان كاذب" (مز 116: 10). وإن ظنَّ الإنسان في نفسه جبَّارًا أو صاحب إمكانيَّات يوبِّخه الرب "لا يفتخرن الحكيم بحكمته، ولا يفتخر الجبَّار بجبروته، ولا يفتخر الغني بغناه" (إر 9: 23). وإن اتَّكل على خيله يسمع: "باطل هو الفرس لأجل الخلاص" (مز 23: 17)، "قلتم لا بل على خيل نهرب، لذلك تهربون، وعلى خيل سريعة نركب لذلك يسرع طاردوكم" (إش 30: 16). إذن لنقبل الله نفسه هو مخلِّصنا، حكمتنا، غنانا، قوَّتنا، وكل شيء بالنسبة لنا! |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|