منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 29 - 11 - 2023, 05:47 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,969

ما هو مضمون الدَيْنونَة في المسيحيَّة؟





ما هو مضمون الدَيْنونَة في المسيحيَّة؟



إن اللفْظ الأصْلي للدَيْنونَة هو שׁפָט" الذي يلي عادة الحُكم حيث أن كلمة שֹׁפְטֵ تعني الدَّيَّان أو الحَاكم الذي يسوس شعبًا ما (دانيال 9: 12). إن إحدى الوظائف الهامة لكل الحكاَّم تقوم خاصة على البَتِّ في النَّزاعات لكي تسود العدالة في المجتمع، وقد مارسها موسى والشيوخ معاونوه (خروج 18: 13-26)، وصموئيل (1 صموئيل 7: 16-8: 3)، والملوك (2 صموئيل 15: 1-6، 1 ملوك 3: 16-28)، وبعض القُضاة المَحلِّيين، ولاسيما الكهنة (تثنية 16: 18 -20، 17: 8-13).



الأنبياء هم الذِين أعلنوا أن الله يدين العَالَم بالنَّار (أشعيا 66: 16)، وأنَّه سيجمع الأمم في وادي يوشافاط יְהוֹשָׁפָט (معناها الله الدَّيَّان): إذ ذاك يكون الحصادِّ في الأزمنة الأخيرة (يوئيل 4: 12 – 14). وينطبق ذلك أيضًا على سفر الحِكمة، حيث نرى الأخيار والأشرار يمثلون معًا لإداء الحِساب (حكمة 4: 20-5: 23).



يستلهم مدونو الكتاب المُقدس هنا الاختبار البشري عندما يتحدثون عن دَيْنونَة الله. فإن دَيْنونَة الله تُشكِّل تَهديدًا مُتواصلاً للبشر، لا في الآخرة فحسب، بل في التَّاريخ أيضًا، إنه من المستحيل على خاطئ واحد أن يفلت منها. ويصف كتاب دانيال بصور مُذهلة هذه الدَيْنونَة التي ستختتم الزمن وتَفتتح مَلَكوت ابنِ البَشر الأبدي (دانيال 7: 9-12 و26).



في أيام السَّيد المسيح، كان انتظار دَيْنونَة الله بآخر الأزمنة حَدثًا عامًا. ويشير يوحنا المعمدان في مطلع الإنجيل إلى الدَيْنونَة، عندما يُنذر سامعيه بالغَضب الآتي، ويُحثُّهم على قبول معموديته، علامة للتَّوبة (متى 3: 7-12). وبدأت ساعة الأزمنة الأخيرة مع السَّاعة التي ظهر فيها يسوع في العَالَم، فدَيْنونَة الأزمنة الأخيرة هي حاضرة منذ تلك السَّاعة، وإن كان ينبغي انتظار عودة المسيح المَجيدة، حتى نراها مُتمَّمة في مِلئها.



أشارت كرازة يسوع مرَّات عديدة إلى دَيْنونَة اليوم الأخير حيث لا بدَّ لكل البشر أن يؤدُّوا الحِساب (متى 25: 14-30). وإن سبب الدَيْنونَة الإلهيَّة الأساسي هو المَوقف الذي يتخذه النَّاس إزاء الإنجيل، وإزاء القريب، على حد سواء: سيُدان كل واحد طبقًا للدَيْنونَة التي يكون قد دان بها القريب "فكَما تَدينونَ تُدانون، ويُكالُ لكُم بِما تَكيلون "(متى 7: 2).



صف القِديس يوحنا الإنجيلي يسوع، ابن الإنسان، الذي أُقيم من الآب دَيَّانًا في اليوم الأخير (يوحنا 5: 26-30). إلاَّ أن الدَيْنونَة في الواقع ستحقق منذ اللحظة التي يرسل فيها الآب الابن إلى العَالَم. وهذا لا يعني أنه قد أرسل ليدين العَالَم: إنه بالعكس يأتي ليُخلِّصه (يوحنا 3: 17، 8: 15-16). ولكن تبعًا للموقف الذي يختاره كل واحد تُجاه يسوع، تتمَّ الدَيْنونَة فورًا: مَن آمَنَ بِه لا يُدان ومَن لم يُؤمِنْ بِه فقَد دِينَ مُنذُ الآن لِأَنَّه لم يُؤمِنْ بِاسمِ ابنِ اللهِ الوَحيد"(يوحنا 3: 18 -20). ونستنتج من ذلك، أنَّ الدَيْنونَة هي كشف خطايا القلوب البشريَّة، أكثر منها حكم إلهي. فالقوم الذِين أعمالهم شريرة، يُفضّلون الظَّلام على النُّور (يوحنا 3: 9-20). إن الدَيْنونَة الأخيرة تُظهر عَلنًا ما قد تمَّ منذ الآن من تفريق من حيث خفايا القلوب.



تُعلن الكرازة الرَّسوليَّة في الجَماعة المسيحيَّة الأولى أنَّ الله حدَّد يومًا ليَدين العَالَم بعَدل عن طريق المسيح الذي أقامه من بين الأموات (أعمال 17: 31). وان الدَيْنونَة ستبدأ في بيت الله، قبل أن تمتدَّ إلى الأشرار (1 بطرس 4: 17)، وسيُدين الله كلَّ واحدٍ بحسب أعماله، دون محاباة للوجوه (1 بطرس 1: 17). والمسيح هو الذي سيقوم بوظيفة ديَّان للأحياء والأموات (2 طيموتاوس 4). وأخيرًا فإن جميع البشر، في آخر الزمن، سيمرُّون بالنَّار التي ستمتحن قيمة أعمالهم، كما جاء في تعليم بولس الرَّسول "سيَظهَرُ عَمَلُ كُلِّ واحِد، فيَومُ اللّه سيُعلِنُه، لأَنَّه في النَّارِ سيُكشَفُ ذلِك اليَوم، وهذِه النَّارُ ستَمتَحِنُ قيمةَ عَمَلِ كُلِّ واحِد" (1 قورنتس 13:3).



قاعدة الدَيْنونَة هي "الشَّريعة الموسويَّة" المفروضة على من يلتمسون هذه الشَّريعة (رومة 2: 12)، والشَّريعة المكتوبة في الضَّمير هي قاعدة الدَيْنونَة إلى من لم يعرفوا غير هذه الشَّريعة (رومة 2: 14-15). وشريعة الحريَّة هي قاعدة الدَيْنونَة إلى من قبلوا الإنجيل (يعقوب 2: 12). ولكنّ الوَيل لمن يكون قد أدان القَريب (رومة 2: 1-3). إنه سيُدان هو نفسه طِبقًا للمِقياس الذي طبّقه على الآخرين، كما أوضح يعقوب الرَّسول "التَفتُّم إلى صاحِبِ الثِّيابِ البَهِيَّة وقُلتُم له: ((اِجلِسْ أَنتَ ههُنا في الصَّدْر))، وقُلتُم لِلفَقير: ((أَنتَ قِفْ)) أَو ((اِجلِسْ عِندَ مَوطِئِ قَدَمَيَّ)) "(يعقوب 2: 3).



يُجيب يسوع عن موضوع الدَيْنونَة بقوله " فيُجيبُهُمُ المَلِك: الحَقَّ أَقولُ لَكم: كُلَّما صَنعتُم شَيئًا مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه" (متى 25: 40). إنَّ المسيح يَحسب ما صُنع من المعروف لتلاميذه إكرامًا له، انه صُنع له بدليل قوله "مَن قَبِلَكم قَبِلَني أَنا، ومَن قَبِلَني قَبِلَ الَّذي أَرسَلَني. ومَن سَقى أَحَدَ هَؤلاءِ الصِّغارِ، وَلَو كَأسَ ماءٍ باردٍ لأَنَّه تِلميذ، فالحَقَّ أَقولُ لَكم إِنَّ أَجرَه لن." (متى 10: 40، 42))، وقول المسيح لشاول وهو يضطهد الكنيسة "شاوُل، شاوُل، لِماذا تَضطَهِدُني؟ " (أعمال الرسل 9: 4). وهذا دليل على شِدَّة الاتِّحاد والشَّركة في الشَّعور بين المسيح وشعبه حتى انه يحضر معهم حيث كانوا، ويشاركهم في فقرهم وضيقهم واضطهادهم؛ ألم يقلْ بولس الرَّسول "أَنَّ المسيحَ رَأسُ الكَنيسةِ الَّتي هي جَسَدُه وهو مُخلِّصُها" (أفسس 5: 23). إنَّ المسيح عندما يُجازي الأبْرار لا يقتصِر على أعمالهم بل غاياتهم من تلك الأعمال. وان الفضيلة المسيحيَّة التي جُعلت علامة الإيمان الصحيح هي المَحَبَّة، لأنَّها أعظم الفضائل بدليل قول بولس الرَّسول "فالآن تَبقى هذه الأُمورُ الثَّلاثة: الإِيمانُ والرَّجاءُ والمَحَبَّة، ولَكنَّ أَعظَمَها المَحَبَّة" (1قورنتس 13: 13، والمَحَبَّة إكليل صفات الله، لأنَّ " اللّهَ مَحبَّة." (1 يوحنا 4: 8) فاذا وجدت المَحَبَّة في الإنسان وُجدت فيه سائر الفضائل، وان فقدها فقد الكل، "المَحَبَّة كَمالُ الشَّريعة" (رومة 13: 10)"وإنَّها رِباطُ الكَمال"(قولسي 3: 14).



لا بُدَّ لنا جميعًا من الوقوف يوم الدَّين عن يمين الدَّيَّان أو عن شماله، فلنا الآن أن نختار الموقف الذي نحبه، إذ لا اختيار لنا في ذلك اليوم؛ ولا بدّ من أنَّ جميعنا من السماع إما قوله: تعالوا إليَّ" إمّا قوله " اذهبوا عني". ولنا أن نختار سماع الصوت الذي نُحبُّه. ولا بُدَّ لنا جميعًا من النيل إمَّا الحياة الأبديَّة وإمَّا العذاب الأبدي. فحياتنا الزمنيَّة ووسائط النعمة وُهبت لنا من الله لكي نتمسك بالحياة الأبديَّة والاَّ نعرض نفوسنا للموت والهلاك.



وأمَّا الحكم على الملاعين أي الأشرار (متى 25: 41-46) فعِلَّتهم هي التَّقصير أي الإهمال؛ إن التَّقصير كان بسبب عدم وجود محبَّة في حياتهم. فقد رفضوا أن يُعينوا إخوتهم في الشِدَّة؛ من لا يحب كان في البغض كما قال يوحنا الرَّسول " نَحنُ نَعلَمُ أَنَّنا انتَقَلْنا مِنَ المَوت إلى الحَياة لأَنَّنا نُحِبُّ إِخوَتَنا. مَن لا يُحِبُّ بَقِيَ رَهْنَ المَوت. كُلُّ مَن أَبغَضَ أَخاه فهو قاتِل وتَعلَمونَ أَنْ ما مِن قاتلٍ لَه الحَياةُ الأَبدِيَّةُ مُقيمَةٌ فيه"(1 يوحنا 3: 14-15). فقد كتب القِدّيس أوغسطينوس، "لست أتكلّم، عن الفاسدين الذِين يجدّفون ضدّ المسيح. والواقع قليلون هم الذِين يجدّفون بالفم، غير أنّ من يجدّفون بسلوكهم فهم كثيرون".


رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
في العَنْصَرة المسيحيَّة مع العنصرة اليهودية
تقليد الجماعة المسيحيَّة الأولى
يوم الدَيْنونَة فقط، سيعرَفُ أن كل إنسان هو أخ ليسوع
الشَّريعة المكتوبة في الضَّمير هي قاعدة الدَيْنونَة
بولس وتطوّر العقيدة المسيحيَّة


الساعة الآن 04:05 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024