رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ما هي توصيات المسيح لتلاميذه لتجنب الرِّيَاء؟ (متى 23: 10-12) يُعبّر يسوع، بشكل واضح في الآية الخِتاميّة للمقطع الإنجيلي عن توصياته لتلاميذه وللجموع لمُقاومة روح الرِّيَاء التي يتعرض له كلُّ مسيحي، ولاسيما متى كان يقوم بدور الرائد. إن بطرس نفسه لم ينجُ من هذا الخطر، في حادث أنطاكيا، الذي جعله يقع في خلاف مع بولس، فسلكه كان "رِيَاء" (غلاطية 2: 13). وبطرس ذاته يُوصى المُؤمن بأن يعيش بسيطًا لا كطفل حديث الولادة، عالمًا بأنَّ الرِيَاء واقف له بالمرصاد قائلا: "أَلقُوا عَنكم كُلَّ خُبْثٍ وكُلَّ غِشٍّ وكُلَّ أَنواعِ الرِّياءِ والحَسَدِ والنَّميمة"(1 بطرس 1:2)؛ والرِّياء قد يقود المُؤمن إلى الإرْتداد عن الإيمان "والرُّوحُ يَقولُ صَريحًا إِنَّ بَعضَهم يَرتَدُّونَ عنِ الإِيمانِ في الأَزمِنَةِ الأَخيرة، ويَتْبَعونَ أَرْواحًا مُضِلَّةً ومَذاهِبَ شَيطانِيَّة، وقَد خَدَعَهم رِياءُ قَومٍ كَذَّابينَ كُوِيَت ضمائِرُهم"(1 طيموتاوس 4: 2). لمقاومة الرِّيَاء وضع يسوع المسيح قاعدة حياة التَّلاميذ ومقياس في الأعمال الصالحة والقيادة الدِّينية، وهي الأخوة والخدمة والتَّواضع. التَّوصية الأولى الأخوة: "أَنتُم جَميعاً إِخوة" (متى 23: 8) قدَّم يسوع لتلاميذه قاعدةَ حياةٍ ما يجب أن تكون عليه روح الأخوة في الجَّماعة: لا يأخذ التَّلميذ محل المسيح، أو محل الله، بل هو يعمل عمل التَّعليم والخِدمة في خُطى المسيح وباسمه الذي جاء لا ليُخدم بل ليَخدم. كما أوصى تلاميذه "َلْيَكُنْ أَكبرُكُم خادِماً لَكم" (متى 23: 11). يريدنا يسوع أن نكون أخوة بين الأخوة الّذين يعيشون مبدأ الفِداء. يجب أن يفدي الأخ أخاه الآخر من الخطيئة ومن الموت مُقدّماً (باذلاً) حياته للموت بدافع المحبّة، والحَنان. التَّوصية الثانية الخدمة: "لْيَكُنْ أَكبرُكُم خادِماً لَكم" (متى 23: 11) يسعى الكَتَبَة والفِرِّيسيِّونَ وراء مراكز القيادة في الشَّؤون الدِّينية أيضًا. ويصبح هذا خطرًا متى أصبحت محبة المراكز أقوى من ولائهم لله، فيسوع لا يعترض على كل قيادة، فنحن بحاجة إلى قادة مؤمنين ولكن يعترض يسوع على كل قيادة تخدم ذاتها أكثر مما تخدم الآخرين. "وَلْيَكُنْ أَكبرُكُم خادِماً لَكم" (متى 22: 11). وأشار في هذا المنظور إلى سلّم القيم الجَّديد: لا تكمن عظمة المسيحي في السيطرة على الآخرين، بل في وضع الإنسان ذاته في خدمتهم. فالخدمة تجعلنا مُتنبّهين لحاجات الآخرين، وتحفظنا من التَّركيز على ذواتنا وبالتالي إلى الرِّياء. إن قاعدة الجَّماعة المسيحيّة هي الخدمة الخالصة بأكبر مستوى من التَّواضع، ممّا يجعلنا ننطلق من المكان الأخير. يحتّم إيماننا المسيحي على كل من يوجد في مركز رفيع أن يعتبر نفسه خادمًا للربّ، والخدمة تعني الاتضاع والاتضاع يعني الخدمة. تحدى يسوع المسيح معايير المجتمع، فالعظمة عنده تأتي من الخدمة ومن البذل من الذات لخدمة الله والآخرين. فالخدمة تجعلنا منتبهين لحاجات الآخرين، وتحفظنا من التَّركيز على ذواتنا، فقد جاء يسوع ليَخدم الآخرين. "هكذا ابنُ الإِنسانِ لم يأتِ لِيُخدَم، بَل لِيَخدُمَ ويَفدِيَ بِنَفسِه جَماعَةَ النَّاس" (متى 20: 28). التَّوصية الثالثة التَّواضع: "من وَضَع نَفسَه رُفِع" (متى 23: 12). مَن رَفَعَ نَفَسَه وُضِع، ومن وَضَع نَفسَه رُفِع" (متى 23: 12). التَّواضع هو معرفة الذات على حقيقتها. إن التَّواضع هو صفة تشبه صفات الخادم، يمكّننا من وضع حياتنا في خدمة الرَّبّ وخدمة القريب. والألقاب لا تزيد القائد المتّواضع إلا شعورًا بالانسحاق وإحساسًا بالمسئوليّة واتّساعًا لقلبه لخدمة الجَّميع من أجل الرَّبّ. ولا يعتمد المتواضع على نفسه، بل يثق في الرَّبّ وبمحبّته ونعمته الخلاصيّة "فمَن وضَعَ نفسَه وصارَ مِثلَ هذا الطِّفل، فذاك هو الأَكبرُ في مَلَكوتِ السَّموات" (متى 18: 4)، فالمتواضعون هم وحدهم، شبيهون بالله، الذين هم أبناؤه، كما جاء في تعليم يوحنا الرَّسُول "أَيُّها الأَحِبَّاء نَحنُ مُنذُ الآنَ أَبناءُ الله ولَم يُظهَرْ حتَّى الآن ما سَنَصيرُ إِليه. نَحنُ نَعلَمُ أَنَّنا نُصبِحُ عِندَ ظُهورِه أَشباهَه لأَنَّنا سَنَراه كما هو"(1 يوحنا 3: 2). نستنتج مما سبق أنَّ من يبحث عن الله ينبغي أن يهرب من كل رِيَاءٍ ومخاتلة (حكمة 1: 1)، بحيث لا شيء ينبغي أن يتقاسم قلبه (مزمور 119: 113)، أو يُضلّل نيَّته (1 ملوك 9: 4)، وبالتالي لا اعوجاج في سلوكه (أمثال 10: 9، 28)، ولا في كلامه (سيراخ 5: 9). ولا في نيَّته (منى 10: 16). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|