رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فأَيُّهما عَمِلَ بِمَشيئَةِ أَبيه؟)) فقالوا: ((الأَوَّل)) قالَ لَهم يسوع: ((الحَقَّ أَقولُ لكم: إِنَّ الجُباةَ والبَغايا يَتَقَدَّمونَكم إلى مَلَكوتِ الله. تشير عبارة " فأَيُّهما عَمِلَ بِمَشيئَةِ أَبيه؟" إلى سؤال موجَّه إلى الفِّريسيِّين والكتبة لإعادة النظر في حياتهم فيتمكنوا من تغييرها. أمَّا عبارة " عَمِلَ بِمَشيئَةِ أَبيه " فتشير إلى الطَّاعَة لأوامر أبيه بالذِّهاب إلى كرْم أبيه والعمل فيه، إذ أنَّ إرادة الآب السَّماوي تَكمن في حفظ كلِّ الشَّريعَة المُعلنة في كتابه الكريم والاجتهاد في سبيل مَلَكوتِه. الطاعة التي هي ثمرة الإيمان والمحبَّة وفعل تقدمة الذات وفعل انتصار النفس. أمَّا عبارة " الأَوَّل" فتشير إلى جواب خصوم يسوع حول سؤاله: "فأَيُّهما عَمِلَ بِمَشيئَةِ أَبيه؟" فحكموا على أنفسهم، فالأول يمَثَل الزُّنَاة والعَشّارون الذين سبقوهم إلى المَلَكوتِ. وهو الذي أطاع دون الثَّاني، لانَّ الأول رديء القول جيد العمل، والثَّاني جيد القول رديء العمل. فلا تكفي الكلمات لدخول في ملكوت الله، بل الأفعال وَفقً لتصريح يسوع لتلاميذه "لَيسَ مَن يَقولُ لي ((يا ربّ، يا ربّ)) يَدخُلُ مَلكوتَ السَّمَوات، بل مَن يَعمَلُ بِمَشيئَةِ أَبي الَّذي في السَّمَوات" (متى 7: 21). أن عمله يعكس طاعته لآبيه وإيمانه الذي يعمر القلب. أمَّا عبارة "قالَ لَهم يسوع" فتشير إلى ما أوضحه يسوع للفرِّيسييِّن من مَثَل الابنين. أمَّا عبارة " الجُباةَ " فتشير إلى العَشَّارين الذين يجبون الضَّرائب ويتلاعبون بها ويتعاملون مع المُحتل الرُّوماني، لذلك كانوا يُتَّصفون بعدم الأمانة والطَّمع والجَشع، وكان يوحَنَّا المَعْمَدان يقول انه مستعدٌ أن يقبل أولئك الجُباة إذا تابوا، وتغيَّرت طرقهم، كما ورد في إنجيل لوقا " أَتى إِلَيه أَيضاً بَعضُ الجُباةِ لِيَعتَمِدوا، فقالوا له: "يا مُعَلِّم، ماذا نَعمَل؟" فقالَ لَهم: "لا تَجْبوا أَكثَرَ مِمَّا فُرِضَ لَكم" (لوقا 3: 12). أمَّا عبارة " البَغايا " فتشير إلى الفاجرات اللواتي يكتسبن المال عن طريق الفسق والفجور والدعارة؛ أمَّا عبارة "إِنَّ الجُباةَ والبَغايا يَتَقَدَّمونَكم إلى مَلَكوتِ الله" فتشير إلى العَشَّارين والزُّنَاة كالابن الذي لم يطع أباه أولاً، ولكنَّه بعدئذٍ تاب وأصبح مقبولاً عند الله، إذ تقبل كلمة الله وبدأ حياته من جديد. في الواقع، بعض العَشّارون والزُّنَاة غيَّروا حياتهم حين سمعوا كلام يوحَنَّا المَعْمَدان أو كلام يسوع، كما حدث مع لاوي العشَّار الذي ترك مكتب الجباية، وتبع يسوع وأصبح متَّى الإنجيلي (متى 9 :9)، وكذلك تابت المرأة الزَّانية فقال لها يسوع: "لا تَعودي بَعدَ الآنَ إلى الخَطيئة" (يوحَنَّا 8: 11). وعادت مريم المِجدلية أيضا إلى يسوع (لوقا 8: 1-2). كلمة الله تعود بهم إلى ذواتهم وتدعوهم إلى تغيير حياتهم لدخول مَلَكوتِ السَّمَوات. وليس غاية يسوع التشهير بالعَشَّارين والبَغايا بل إظهار قدرتهم على التجدّد والتغيير والتَّوبة. أمَّا عبارة "يَتَقَدَّمونَكم" فتشير إلى رجاء دخول العَشَّارين والزُّنَاة إلى مَلَكوتِ السماء أقوى من رجاء دخول الفَرَّيسيِّين إليه، لانَّ كبرياء هؤلاء واتِّكالهم على البرّ الذَّاتي جعلهم باقون خارج المَلَكوتِ. وأمَّا العَشّارونَ فشعروا بإثمهم، وان لا شيء لهم من البِرّ الذَّاتي فبادروا إلى الهرَبّ من الغضب إلى بِرِّ المسيح وفدائه، كما جاء في إنجيل لوقا " جَميعُ الشَّعبِ الَّذي سَمِعَه حَتَّى الجُباةُ أَنْفُسُهم بَرُّوا الله، فاعتَمَدوا عن يَدِ يوحَنَّا. وأَمَّا الفرِّيسيُّون وعُلَماءُ الشَّريعَة فلَم يَعتَمِدوا عن يَدِه فأَعرَضوا عن تَدبْيرِ اللهِ في أَمرِهم" (لوقا 7: 29-30). وتشير العبارة أيضا ًإلى كلمة يسوع في مَثَل العملة وأجرتهم " فهَكذا يَصيرُ الآخِرونَ أَوَّلين والأَوَّلونَ آخِرين " (متى 20: 16)؛ أمَّا عبارة " مَلَكوتِ الله " فتشير إلى السيادة أو حكم الإله الذي انتظرته التوقعات اليهودية المسيحانية على إسرائيل. ويعتبر اليهود عبارة " مَلَكوتِ الله " تجديفًا، لأنها تُشير إلى الله بالاسم. وهذا التعبير خاص بإنجيل متى في حين استبدلاه مرقس ولوقا بتعبير آخر وهو "مَلَكوتِ السَّمَوات". تُعبِّر كلمات يسوع عن شديد حبِّ يسوع للخطأة، فالأبرار لم يكونوا بحاجة إليه، عكس الخطأة " ليسَ الأَصِحَّاءُ بِمُحْتاجينَ إلى طَبيب، بلِ المَرْضى. ما جِئتُ لأَدعُوَ الأَبرار، بلِ الخاطِئين" (مرقس 2: 17). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|