رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أَعْطَى خَائِفِيهِ طَعَامًا. يَذْكُرُ إِلَى الأَبَدِ عَهْدَهُ [5]. يرى البعض أن هذا المزمور يُسبَّح في الاحتفال بالفصح، وأن الطعام هنا يُقصد به الفصح نفسه. غير أن الكتاب المقدس كثيرًا ما يعني بالطعام كما بالمن والخبز والماء الطعام الروحي والشراب الروحي. يود الله دومًا أن يُشبِعَ أبناءه، فلا يجوعون إلى شيءٍ من أمور العالم، كما يؤكد دومًا أمانته في وعوده وعهوده التي يجددها مع شعبه ومؤمنيه. طعام عجيب معجزي، يقول عنه النبي: "جعل ذكرًا لعجائبه. حنَّان ورحيم هو الرب. أعطي الذين يتقونه (يخافونه) غذاء، ذَكَرَ ميثاقه إلي الأبد" (راجع مز 111: 4-5). إنها معجزة المعجزات أن يُحوِّلَ الخبز والخمر إلي جسده ودمه الكريميْن. وهو غذاء الروح، يهب الحياة لمن يتقونه، غذاء سماوي، غير مائت، شجرة الحياة التي يقتطف منها المؤمن ثمرة محيية، والمن العقلي الحقيقي المُخفَى، دواء الحياة الذي يقاوم الضعف والمرض، ويقوينا في الحرب ضد الشيطان والخطية. وفي نفس الوقت نجده ذكرى ميثاق وعهد أبدي، تعهد فيه الرب أن يحبنا ويُنْمينا وينعش نفوسنا. قال مخلصنا: "أنا هو خبز الحياة. آباؤكم أكلوا المن في البرية وماتوا. هذا هو الخبز الحيّ الذي نزل من السماء. إن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. والخبز الذي أنا سأعطيه هو جسدي الذي سأبذله عن حياة العالم... الحق الحق أقول لكم: إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان، وتشربوا دمه، فلا حياة لكم في أنفسكم... من يأكل هذا الخبز فإنه يحيا إلى الأبد" (يو 6: 48-59). * لماذا يشير هنا إلى خائفيه؟ أقصد أنه لا يطعمهم وحدهم. اذكروا إنه يقول في الإنجيل: "يُشرِقُ شمسه على الأشرار والصالحين، ويُمطر على الأبرار والظالمين" (مت 5: 45)... الطعام الذي يشير إليه هنا يبدو لي ليس طعامًا جسديًا بل طعام النفس. لهذا السبب يتحدث هنا عن خائفيه. إنه خاص بهم. أنتم ترون كما أن الجسد يُقات هكذا النفس أيضًا. والدليل على أنها تُقات، أنصتوا إلى هذا: "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله" (مت 4: 4؛ تث 8: 3). هكذا يشير إلى هذا الطعام، الذي يعطيه على وجه الخصوص لخائفيه: التعليم بالكلمة، والوصية، وكل القيَّم الصادقة . * "يذكر إلى الأبد عهده"... إنه يُظهر أن الخيرات التي يتمتعون بها ليس لأجل استحقاقاتهم، وإنما من أجل محبة سلفائهم ومن أجل العهود التي أقامها معهم. لذلك يقول: "يذكر عهده معهم"؛ هذا ما أمرهم به موسى أن يراعوه عند دخولهم أرض الموعد. "يقول لهم أن يذكروا عندما يبنون مدنًا عظيمة ويحيطون أنفسهم بممتلكات كثيرة ألا يقولوا إنه بسبب برَّهم قد بلغوا هذا الطريق، بل من أجل العهود مع آبائهم. ليس شيء أشر من العجرفة، لهذا لا يكف الله عن أن ينزعها في كل مناسبة . القديس يوحنا الذهبي الفم * "أعطى خائفيه طعامًا". أطعم إيليا حين كان جائعًا. وأمطر منًا في البرية لليهود... الطعام الذي أعطاه كان الخبز النازل من السماء، يُطْعِمنا به إن كنا مستحقين. كم من شهداء في الحقيقة هلكوا من الجوع (جسديًا)، لكنهم الآن مع الرب . القديس جيروم * تحقق قوله: "أعطى خائفيه طعامًا" عندما أمر الغراب أن يأتي إلى إيليا النبي بطعامٍ، خبز في الصباح ولحم بالمساء. وأيضًا أخذ حبقوق النبي من أرض فلسطين إلى بابل غذاء إلى دانيال النبي (دا 14: 32-38). وكذلك الذين اجتمعوا إليه في البرية، حيث بارك الخبزات وأشبعهم. وأيضًا الميثاق الذي عاهده بأنبيائه في دعوة الأمم، ذكره وتممه بواسطة رسله، وهم أخبروا الذين آمنوا به، وصاروا شعبه. الأب أنسيمُس الأورشليمي * إننا نتغذى بجسد المسيح ودمه. العلامة ترتليان * في الكنيسة شجرة الحياة الحقيقية، أي جسد المسيح ودمه، اللذان قال المسيح عنهما إن من يأكل جسدي ويشرب دمي يحيا إلي الأبد. أنبا ساويرس (أسقف الأشمونيين) * إنها لأمورٍ صالحةٍ بالحق، هذه التي تدوم ولا يمكن أن تتبدد بأي تغيير في زمان أو عمر . القديس أمبروسيوس * ماذا أيضًا تفيد مخافة الرب سوى أن الرب السخي والرحيم يعطي طعامًا لخائفيه؟ طعامًا لا يفسد، "الخبز النازل من السماء" (يو 6: 27، 51) الذي لا يعطيه عن استحقاقاتنا الذاتية. القديس أغسطينوس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|