رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
ثمار الشر: 22 وَإِنْ قُلْتِ فِي قَلْبِكِ: «لِمَاذَا أَصَابَتْنِي هذِهِ؟». لأَجْلِ عَظَمَةِ إِثْمِكِ هُتِكَ ذَيْلاَكِ وَانْكَشَفَ عَنَفًا عَقِبَاكِ. 23 هَلْ يُغَيِّرُ الْكُوشِيُّ جِلْدَهُ أَوِ النَّمِرُ رُقَطَهُ؟ فَأَنْتُمْ أَيْضًا تَقْدِرُونَ أَنْ تَصْنَعُوا خَيْرًا أَيُّهَا الْمُتَعَلِّمُونَ الشَّرَّ! 24 « فَأُبَدِّدُهُمْ كَقَشٍّ يَعْبُرُ مَعَ رِيحِ الْبَرِّيَّةِ. 25 هذِهِ قُرْعَتُكِ، النَّصِيبُ الْمَكِيلُ لَكِ مِنْ عِنْدِي، يَقُولُ الرَّبُّ، لأَنَّكِ نَسِيتِنِي وَاتَّكَلْتِ عَلَى الْكَذِبِ. 26 فَأَنَا أَيْضًا أَرْفَعُ ذَيْلَيْكِ عَلَى وَجْهِكِ فَيُرَى خِزْيُكِ. 27 فِسْقُكِ وَصَهِيلُكِ وَرَذَالَةُ زِنَاكِ عَلَى الآكَامِ فِي الْحَقْلِ. قَدْ رَأَيْتُ مَكْرَهَاتِكِ. وَيْلٌ لَكِ يَا أُورُشَلِيمُ! لاَ تَطَهَرِينَ. حَتَّى مَتَى بَعْدُ؟» "وإن قلتِ في قلبكِ: لماذا أصابتني هذه؟ لأجل عظمة إثمكِ هُتك ذيلاكِ وانكشف عنفًا عقباكِ" [22]. يشير النبي هنا إلى تساؤلات الشعب المتكررة: لماذا أصابتنا هذه الويلات؟ والجواب المتكرر: هو ارتكابكم الشر، ورجوعكم عن الرب، وإصراركم على عدم التوبة. فالشر ليس من الله إنما مصدره إرادتكم الشريرة. أخطر ما وصل إليه هذا الشعب ليس السقوط في الخطية، فإن الله يعلم ضعف الإنسان، ويشتاق أن يخلصه من كل خطية ولا يدينه عليها، إنما الإصرار على ارتكاب الشر، فيشربون الإثم كالماء، ولا يشعرون بما هم عليه. يصيرون كالمريض الذي لا يبالي بالمرض ولا يشعر بخطورته، بالتالي لا يجد حاجة للذهاب إلى طبيب. مع كثرة الإثم وارتكابه بلا انقطاع صاروا يعترضون على تأديبات الله كأنها ظلم، حاسبين أنفسهم أبرارًا! سبق فأوضح خطورة الكبرياء، هنا يبرز خطورة الكذب (ربما يقصد به الاتكال على الآلهة الكاذبة) والرجاسات (التي تلازم العبادة الوثنية). بقوله "هتك ذيلاكِ" يعني أنها صارت عارية، وفي ذلك رمز للشهوات الجسدية في إباحية وبعنف، حيث تكشف عورتها للشر (لا 8: 6-19؛ 20: 17؛ تث 23: 1؛ 27: 20؛ إش 47: 3؛ نا 3: 5). كذلك كشف العقب بعنفٍ يرمز إلى الرغبة الشهوانية الجامحة. يرى البعض أن هذا التصوير يعني به أن أورشليم صارت كامرأة فاسدة، عرّت الخطية عورتها وكشفت جسدها في غير حياء! يبرز هنا خطورة الشر، فإنه يفسد طبيعة الإنسان، فيلتصق به الشر ليصير كجلد الكوشي أو رقط النمر، لا تتغير. الله لن يغلق باب مراحمه، لكن إسرائيل في كبريائه تحولت حياته إلى عصيان مستمر وخيانة له. بقوله: "هل يغير الكوشي جلده أو النمر رقطه؟!" [23] لا ينفي الحرية الإنسانية في اختيار طريق دون الآخر، فقد جاءت كل الكتابات النبوية تؤكد حرية الاختيار، بل وإرميا النبي نفسه إذ يدعوهم إلى التوبة يؤكد ذلك، إنما هذا النص يعني أمرين: أولًا: ممارسة الخطية خاصة إلى فترات طويلة وبصورة جماعية تمثل ضغطًا شديدًا على الإرادة فتسلبها حريتها، وتفقدها قدرتها على الاختيار. ثانيًا: الحاجة إلى عون إلهي أو إلى النعمة الإلهية لتقديس الإرادة وردّها إلى الحرية الداخلية المسلوبة. كمثالٍ يتحدث القديس جيرومعن إصرار شاول على تعقب داود للخلاص منه وإصرار داود على الاحتمال بطول أناة؛ قائلًا: ["هل يغير الكوشي جلده أو النمر رقطة؟!" [23]... هذا ما يقوله داود (أيضًا في المزمور السابع) فكما أن الكوشي لا يقدر أن يغير جلده، هكذا لم يستطع شاول أن يغير شخصيته. لقد سقط بين يديّ مرتين، وكان في استطاعتي أن أقتله. كان يمكنني أن أسفك دمه. لقد أردت أن أغلبه باللطف، لكن إرادته الشريرة بقيت غير منهزمة. كما لا يقدر الكوشي أن يغير جلده، هكذا لا يستطيع شاول أن يغير خبثه ]. الله وحده يقدر أن يغير طبيعتنا ويجددها لذلك يقول القديس جيروم: [الخصي الأثيوبي غيّر جلده بالرغم من قول النبي، وهو يقرأ العهد القديم وجد ينبوع الإنجيل (أع 8: 27-39)]. يرى John Guest ما لهذا المثل من أثر على الثقافة الغربية قائلًا بأن إرميا صار مشهورًا بسببه . إذ بلغوا هذا الحد، فامتزجت طبيعتهم بطبيعة الشر، وصارتا كأنهما طبيعة واحدة، جاء الثمر الطبيعي لذلك وهو: التحطيم! "فأبددهم كقشٍ يعبر مع ريح البرية. هذه قُرعتك، النصيب المكيل لك من عندي يقول الرب، لأنكِ نسيتنى، واتكلتِ على الكذب. فأنا أرفع ذيليكِ على وجهكِ، فيُرى خزيكِ، فسقكِ، وصهيلكِ، ورذالة زناكِ على الآكام، في الحقل، قد رأيت مكرهاتكِ. ويل لكِ يا أورشليم، لا تطهرين. حتى متى بعد؟!" [24-27]. يشبَّه الغزو البابلي بالريح الشديدة التي تهب فتحملهم كالقش في وسط البرية، ليس من يهتم بهم! من جهة يوضح أنه هو الذي يبددهم، لأن هذا هو نصيبهم الذي اختاروه. كالوا لأنفسهم الباطل، فصاروا باطلًا. يعود فيكرر الله لشعبه أن ما حلّ بهم ليس محض مصادفة، ولا لقوة بابل العظيمة، إنما لشر إرادتهم التي اختارت هذا النصيب. ومن جهة أخرى إنهم قش، ليس بينهم حنطة، تهب الريح لتعصف بالقش وتفرزه عن الحنطة... فلا لوم على الريح بل على يهوذا التي لم يُوجد فيها حنطة في ذلك الحين. لئلا تقول هذا نصيبي قد حتمه عليّ الرب، يؤكد بها: "لأنكِ نسيتني، واتكلتِ على الكذب" [25]. يرى البعض أن كلمة "كذب seqer تعني هنا بعض الآلهة الوثنية، ربما يكون البعل. إذ يُحسب الكذب زنًا روحيًا، له خطورته، حتى دُعي إبليس بالكذاب وأب الكذابين (يو 8: 44)، لهذا فإن ثمرة زناها الروحي أن تدخل في الفضيحة وُيرفع ذيلها، فتظهر عارية، لعلها تخجل فتتوب. عبّر عن الرجاسات الوثنية بالفسق والصهيل ورذالة الزنا، تمارس هذه الأمور علانية على التلال وفي الحقول المفتوحة، هناك حيث العبادة الوثنية. أخيرًا إذ رأى الغزو قد صار على الأبواب صرخ مترجيًا توبتهم، قائلًا: "حتى متى بعد؟!" . |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
آرميا النبي | فأندم عن الشر الذي قصدت أن أصنعه بها |
آرميا النبي | فأندم عن الشر الذي قصدت أن أصنعه بها |
آرميا النبي | إصرارهم على الشر |
آرميا النبي | تجاوبوا مع الرعاة في الشر |
آرميا النبي | ثمار خطاياها |