ابـــن الله الحـــي
«فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ: أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ»
( متى 16: 16 )
أشار بطرس إلى مسيانية يسوع، وإلى لاهوته؛ إلى سمو وظيفته وإلى مجد شخصه. لقد قال: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ». المسيح يعني الممسوح، هنا نجد مجده الوظيفي. لقد تعيَّن من الله لمهام عظيمة، مُسح ليقوم بها. فهو مُسح في الأزل للخلق ( أم 8: 23 )، كما مُسح أيضًا للفداء ( إش 61: 1 )، ومسح أخيرًا للمُلك ( مز 2: 6 ). ولكنه أيضًا ابن الله، ونحن هنا نرى مجد لاهوته.
والمسيح له ثلاثة ألقاب عظيمة هي: “ابن داود”، “ابن الإنسان”، “ابن الله”. فالمسيح باعتباره المسيا الذي جاء إلى شعبه لكي يباركهم بحسب نبوات العهد القديم، يُسمى “ابن داود”، كما قال الملاك جبرائيل للمطوبة مريم: «يُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ ... وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ» ( لو 1: 32 ، 33). لكن إذا كان شعبه أنكر عليه لقبه كابن داود، حيث إنه «إِلَى خَاصَّتِهِ جَاءَ، وَخَاصَّتُهُ لَمْ تَقْبَلْهُ» ( يو 1: 11 )، فإنه أخذ لقبًا آخر هو “ابن الإنسان”. وعلينا أن ندرك أن هذا اللقب ليس باللقب الهزيل، وهو يربط المسيح بكل العالم بل وبالكون كله. فعن قريب سوف يسود ابن الإنسان على كل الخليقة، وسيؤسس مملكة عالمية ستبقى إلى الأبد (مز8؛ دا7). لكن المسيح له لقب ثالث، هو “ابنُ اللَّهِ الحَيّ”. وطبعًا هذا اللقب بخلاف اللقبين الآخرين يعلن لاهوت المسيح. فمع أن المسيح هو “ابن داود”، لكنه في الوقت نفسه “رب داود”. وهذا سر عظيم «بِالإِجْمَاعِ عَظِيمٌ هُوَ سِرُّ التَّقْوَى: اللهُ ظَهَرَ فِي الْجَسَدِ» ( 1تي 3: 16 ).
والمسيح في علاقته بشعبه الأرضي هو “ابن داود”، وفي علاقته بكل العالم هو “ابن الإنسان”، وفي علاقته بالكنيسة هو “ابنُ اللَّهِ الحَيّ”. وإن كان المسيح قد رُفضَ في هذا الأصحاح (مت16) باعتباره “ابن داود”، واعتُرِف به باعتباره “ابن الله”، فقد أعلن في آخره عن مجيئه بالمجد والقوة باعتباره “ابن الإنسان” (ع 28).