رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
السجن سنتين في قيصرية: + وعلى مدى سنتين ظل بولس سجينًا في قيصرية. صحيح أن الرومان أحسنوا معاملته إذ قد أحسوا بانعطاف داخلي نحو هذا الرجل الجسور. فيلكس، مع الأمر بسجنه، أمر قائد المائة بأن يحرس بولس وتكون له رخصته ولا يمنع أحدًا من أصحابه أن يأتي إليه ويخدمه. وهكذا تمكّن فيلبس ورفقاؤه من أن يزوروه. كذلك جاءه تيموثيئوس وزملاؤه في الرحلة ليروه. وبالإضافة فقد جاء لوقا وأقام على مقربة منه ليسهر على صحته. + هذا كله صحيح. ولكن بولس لم يستطع خلال هاتين السنتين من أن يؤدي العمل الذي اشتعلت به نفسه: إنه لم يُكرز ولم يكتسب نفسًا واحدة لربه. وهنا نقف قليلًا للتأمل لقد صارع صراع الجبابرة ليحرر المسيحية من ربقة الناموس؛ ونادى حيثما ذهب بحرية مجد أولاد الله الذين تجمعهم محبة السيد المسيح حيث لا يهودي ولا يوناني. بل إنه اختبر هذه الحقيقة عيانًا. فما الذي جعله يقبل مشورة المتهوّدين ويذهب ليتطهر مع الرجال الأربعة الذين عليهم نذر؟ ترى، لو لم يكن قد فعل هذا أكان يصيبه الأذى الذي أصابه؟ لا نعرف على وجه التحقيق. ولكن الله أعطانا عِبْرَة في كيفية تعامله مع موسى، فقد أطاع موسى كل ما أوصاه به الله. ومرة واحدة فقط لم ينفّذ الأمر الإلهي بالضبط بل ضرب الصخرة بدلًا من أن يكلمها. فعاقبه الله بأنه لن يَرَى أرض الموعد (عدد 20: 7-13). ورب المجد أعلن بأن مَنْ يُودِعُونَهُ كَثِيرًا يُطَالِبُونَهُ بِأَكْثَرَ(1)، ومن هذا المنطلق نستطيع القول بأن بولس عوقِب هذا العقاب الصارم نتيجة لهذه المرة الوحيدة التي حاد فيها عن العمل بموجب "حرية مجد أولاد الله" التي نادى بها وصارع من أجلها، بل ولم يتردد عن أن يقاوم بطرس مواجهة. صحيح أن الفادي الحبيب حفظه من الموت لكي يوصل الكرازة باسمه في رومية تطبيقًا لقول الوحي الإلهي: "تَأْدِيبًا أَدَّبَنِي الرَّبُّ، وَإِلَى الْمَوْتِ لَمْ يُسْلِمْنِي"(مز 118: 18) وهو المزمور الثاني من مزامير صلاة الغروب في الأجبية. بل إنه هو نفسه أكد هذا الواقع بقوله: "مُضْطَهَدِينَ، لكِنْ غَيْرَ مَتْرُوكِينَ. مَطْرُوحِينَ، لكِنْ غَيْرَ هَالِكِينَ"(2كو 4: 9)، ويعود فيردده: "كَمُؤَدَّبِينَ وَنَحْنُ غَيْرُ مَقْتُولِينَ،" (2كو 6: 9). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|