رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الْحَدِيدُ يُسْتَخْرَجُ مِنَ التُّرَابِ، إن كان استخراج الفضة والذهب يتطلب جهدًا أعظم من استخراج الحديد والنحاس، إلا أن المعدنين الآخيرين أكثر نفعًا للإنسان، ولوفرتهما فإن ثمنهما أقل بكثير من الفضة والذهب. يمكن لإنسانٍ أن يعيش بدون الفضة والذهب، لكنه يصعب عليه جدًا، وحاليًا يستحيل عليه أن يعيش بدون الحديد والنحاس. إنها حكمة الله الفائقة جعلت ما هو ضروري للإنسان أكثر وفرة واستخراجه أكثر سهولة، بينما ما هو للترف أقل في الكمية وأصعب في استخراجه. يرى البابا غريغوريوس (الكبير) أن استخراج هذه المعادن جميعها من فضةٍ وذهبٍ وحديدٍ ونحاسٍ هو من التراب والحجارة، إشارة إلى رجال الله القديسين - مع اختلاف مستواهم الروحي ودورهم في العمل الكرازي والشهادة لله، لكن الكل مُستخرج من التراب والحجارة. كنا ترابًا وحجارة، مشغولين بالزمنيات، قساة القلوب. لكن نعمة الله أقامت منا أناسًا شهودًا لله، ننعم بالشركة في الطبيعة الإلهية من حبٍ وحنوٍ ووداعةٍ وتواضعٍ وطهارةٍ وقداسة إلخ. هذه كلها ليست من عندنا، لكنها عطايا الله المجانية للمؤمنين الجادين في طلب خلاص نفوسهم وخلاص إخوتهم في البشرية. * "الحديد يستخرج من الأرض" [2]. كأنه يقول في وضوحٍ: رجال القوة الذين بألسنتهم الأحد من السيوف، صاروا حديدًا في هذه المعركة العنيفة في الدفاع عن الإيمان، هؤلاء الذين كانوا وقتًا ما "أرضًا"، في مجال الأعمال الدنيا. فعندما يخطئ الإنسان، يقال له: "أنت تراب وإلى تراب تعود". وأما "الحديد فيُستخرج من الأرض"، عندما ينفصل محارب الكنيسة الصارم من السلوك الأرضي... ألم يُستخرج حتى من الأرض، إذ كان مشغولًا بالأمور الأرضية، ذاك الذي كان يخدم في جمع الجزية (مثل زكا العشار)؟ لكنه إذ استخرج من الأرض، تقوى بقوة الحديد، ألزمه الرب بالإنجيل، ممزقًا بلسانه قلوب غير المؤمنين كما بسيفٍ حادٍ. هذا الذي كان قبلًا ضعيفًا ومرتبكًا بالأعمال الأرضية صار فيما بعد قويًا بالكرازة السماوية. "والحجر يُسكب بالحرارة، فيصير نحاسًا" ينحل الحجر بالحرارة، عندما يكون القلب قاسيًا وباردًا يتلامس بنار الحب الإلهي، وينسكب في نار الروح المتوهجة. عندئذ تصير له الحياة الملتهبة بحرارة في العمل. بقدر ما كان قاسيًا من قبل في محبته للعالم، يصير قويًا في حبه لله. البابا غريغوريوس (الكبير) * إنهم يشبهون الحديد المستخرج من الصوان يشع نارًا من الذهب الخصب المتأهل للنور، فإن شرارة صغيرة يمكنها أن تشكل شعلة الحق في داخلها بسرعة . القديس غريغوريوس النزينزي * لقد دّون هذا خصيصًا، كيف يقول بولس بصراحة: "لأن هذا الفاسد لا بُد أن يلبس عدم فساد" (1 كو 15: 53). إذن هذا الجسد سيقوم ويلبس عدم الفساد ويشكل جديدًا. وكما يمتزج الحديد بالنار ويصبح نارًا، أو الأفضل كما يعرف الرب الذي يقيمنا: هذا الجسد سيقوم لكنه لن يمكث كما هو الآن. إنه جسم أبدي. لا يحتاج تغذية لحياته كما هو عليه الآن، ولا إلى درجات لصعوده لأنه سيكون روحيًا. إنه لأمر عجيب لسنا جديرين بالكلام عنه، إذ قيل في إنجيل القديس متى البشير: "حينئذ يضيء الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم" (مت 13: 43)، "وكالقمر وكضياء الجلد" (دا 12: 3). القديس كيرلس الأورشليمي |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|