فالإيحاء بأن أليشع كان مذنبًا “بوَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْمِحْرَاثِ وَالنْظُرُ إِلَى الْوَرَاءِ”، أمر قاس وغير مبرر:
فأولاً: إن طلبه لتوديع والديه أظهر التزامه بالانفصال عن جميع الروابط العائلية والعاطفية التي كان من شأنها أن تُعيقه (ع٢١). إنه تذكير بكلمات الرب يسوع للجموع العظيمة التي تبعته: «إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ وَأَخَوَاتِهِ، حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضًا، فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذًا» (لوقا١٤: ٢٦). وكان أليشع مُستعدًا لمثل هذه التضحية.
ثانيًا: إن أليشع «رَجَعَ مِنْ وَرَائِهِ وَأَخَذَ فَدَّانَ بَقَرٍ وَذَبَحَهُمَا، وَسَلَقَ اللَّحْمَ بِأَدَوَاتِ الْبَقَر» (ع٢١)، وعمله هذا يُصوِّر رجلاً كان حريصًا على الانفصال عن عمله السابق لكي يُكرس نفسه بالكامل لخدمة الرب.
ثالثًا: إن أليشع بعدما رجع وأخذ زوج البقر وذبحهما، وسلق لحمهما على خشب المحراث، وزعه على الشعب «أَعْطَى الشَّعْبَ فَأَكَلُوا» (ع٢١)، وبهذا أظهر تصميمه على أن العلاقات الطبيعية لن تمنعه من الاستجابة لدعوة الله.