الأنبا أنطونيوس
يرى القديس أنبا أنطونيوس أن الفرح هو طعام النفس، فكما لا يستطيع الجسد أن يعيش بدون طعامٍ، هكذا لا تستطيع النفس أن تعيش بدون الفرح. بدونه تجوع النفس وتموت. الفرح الداخلي السماوي أو العذوبة السماوية يسند النفس في تغربها عن موطنها السماوي، ويهيئ الجسد ليحمل سمة أشبه بالروحانية، فيتهيأ ليصير جسدًا روحانيًا في يوم الرب العظيم. فمن أقواله:
[لكل الخليقة الناطقة -الرجال والنساء- ينبوع حب، به تقدر أن تحتضن كلًا من الإلهيات والجسديات. فرجال الله يحبون ما يخص الله، وأبناء الجسد يحبون ما يخص الجسد.
الذين يحبون الإلهيات ينقّون قلوبهم من النجاسات ومن كل أعمال (ارتباكات) هذا الدهر الزائل، فيبغضون العالم (أي ليس للأمور الزمنية مكان في القلب) وينكرون أنفسهم ويحملون الصليب تابعين الرب، وسالكين حسب إرادة الله في كل شيء. لذلك يسكن الله فيهم معطيًا إياهم فرحًا وعذوبة يغذيان النفس ويقوتانها ويجعلانها تنمو. كما أن الأشجار إن لم تشرب من الماء الطبيعي لا يمكنها أن تنمو، هكذا النفس إن لم تقبل الفرح السماوي لا يمكنها أن تنمو وتصعد إلى العلاء. أما النفوس التي قبلت الروح والفرح السماوي فهي التي تستطيع الارتفاع إلى العلاء.. فقد انكشفت لها أسرار ملكوت السماوات وهي بعد في هذا الجسد، ووجدت دالة قدام الله في كل شيء، وكملت لها جميع طلباتها .]
[النفس دائما تتربى بهذا الفرح وتسعد به، وبه تصعد إلى السماء، فهي كالجسد لها غذاؤها الروحي.]