رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يوم القيامة المجيدة
20: 1- 9 دخل التلميذ الآخر الذي سبق بطرس الى القبر فرأى وآمن. بُنيت المتتالية (20: 1- 18) حول اربعة أشخاص: مريم المجدلية، بطرس، التلميذ الآخر، يسوع. وتجري "أحداثها" حول القبر، في اليوم الأول من الاسبوع (الأحد) في ساعة مبكرة. فتحت مريم المجدلية الخبر وأغلقته في بلاغين حملتهما إلى التلاميذ. البلاغ الأول جعلهم يذهبون إلى القبر (آ 2). والبلاغ الثاني أعلن لهم القيامة (آ 18). واختلفت المشاهد: الحدث المخصّص لمريم المجدلية قد قطعته زيارة التلميذين إلى القبر. ومع ذلك نحسّ بصعود دراماتيكي في هذه "الركضات" المتتالية إلى القبر: رأت مريم "أن الحجر قد رُفع" (آ 2). رأى التلميذ الآخر "الأكفان على الأرض". ورأى بطرس "الأكفان والمنديل" (آ 7). أخيراً "رأى" التلميذ الآخر "وآمن". من خلال هذه الاشارات التي تتوضّح شيئاً فشيئاً، يُدعى القارىء للانتقال من العلامات إلى الوحي عن قيامة يسوع. عرف يوحنا تقليداً تحدّث عن نساء عديدات (لا نعرف نحن أين وضعوه). ذكر متى اثنتين، ومرقس ثلاث نساء، ولوقا أكثر من هذا العدد (لو 24: 10) أما يوحنا فبنى خبره حول شخص مريم المجدلية وحدها. لا وظيفة لها في زيارتها إلى القبر. فالدهن بالطيب قد انتهى ليلة السبت (يوسف الرامي، نيقوديمس). إذن، لماذا جاءت؟ هي عاطفة حنان وتقوى دفعت بها إلى المجيء: لا تريد أن تنفصل عن يسوع. تريد أن يمتدّ الحداد (رج 11: 31). تشير الظروف إلى الليل (ليل الموت) والى بداية (اليوم الأول) الاسبوع. رُفع الحجر عن القبر. تشبّه يوحنا بسائر الانجيليين، فحافظ على سرّ تدّخل الله الذي تمّ من دون شهود وقبل مجيء مريم إلى القبر. تأخّر اللقاء بين مريم ويسوع، فجاء بعد أن ذهبت مريم الى التلميذين وقالت لهما: "أخذوا الرب". كان بطرس والتلميذ الحبيب إلى يسوع حاضَرين معاً منذ بداية آلام يسوع. قريبين منه. قرب الالم مع بطرس بعد خيانته. وقرب الأمانة مع التلميذ الآخر (الذي يسمّى "الآخر" للمرة الأولى). كانا ناشطين في الآلام، وهما الآن كذلك في اكتشاف سرّ القيامة. هناك مسافة بين الاثنين. واولوية التلميذ الحبيب الى يسوع في مسيرة الايمان واضحة. وصل التلميذ الآخر قبل بطرس، وهذا يدّل على حماسه واندفاعه. ثم "رأى وآمن": عبارة موجزة تترجم العبور من "رأى" إلى التعلّق التامّ بيسوع القائم من الموت. ومشهد الثياب والترتيب الذي وضعت فيه، يدلّ على أن جسد يسوع لم يُسرق بل أن يسوع مضى تاركاً ثيابه حيث لبسها. خلعها ورتّبها. إختلف يسوع عن لعازر الذي خرج "بثيابه" (11: 44). هو لا يحتاج من بعد إلى ثياب لأنه يترك عالم البشر. لا يقال شيء عن إيمان بطرس (يشدّد لو 24: 12 على دهشته حين رأى الأكفان). لم تكن الكتب مقنعة بعد بما فيه الكفاية. أما الآن فوجدت تثبيتاً لها في إشارات عديدة تجمّعت على طريق التلاميذ. وعادا إلى حيث كانا. وهناك حملت إليهما مريم المجدلية البشرى. "أخبرت أنها رأت الرب" (آ 18). لا جدال ولا مزاحمة بين التلميذين. لكل واحد أولويته. دخل بطرس أولاً فصار للكنيسة الأولى شاهداً لا شكّ في شهادته. وتفوّق التلميذ الآخر عليه بتعلّقه بالرب. وفي ف 21 ستتوضّح هذه العلاقة بين التلميذين. صباح القيامة، صباح الذهاب إلى القبر. إنه فارغ. ولكنه مليء ملئاً لم يترك للفراغ من مكان. قالت المجدلية: "أخذوا الرب". ولكن هذا الغياب يتجاوز كل حضور. "رأت أن الحجر قد رُفع". هذا رمز إلى كل صعوبة رُفعت. لم يعد الموت باباً مغلقاً على كل حياة. إنه الباب المفتوح على حياة أخرى. هذا ما نقوله في صلواتنا: "اليوم، يا الله أبانا، تفتح لنا الحياة الأبدية بانتصار ابنك على الموت". إن انجيل صباح الفصح هذا ليس خبراً لواقع من الوقائع. إنه أولى التمتمات لما سيسطع كالشمس: "المسيح قام. سنحيا في قيامته". أين البراهين؟ القبر الفارغ؟ كلا. فهناك سؤال ستجيب عليه الظهورات والكتب. القبر فارغ لأن يسوع ليس هنا، بل في "مكان" آخر. مكان يتفوّق على هذا المكان تفوّق السماء على الأرض. يسوع كله وليس جسده فقط. نستطيع أن نقرأ على القبر المقدّس في اللاتينية: "ليس هنا". ومع ذلك فهو هنا. هو يملأ المكان كله، بل الكون كله. لم يسرقه أحد ولم يطر في الآفاق. فهو بمتناول كل يد وكل نظر. ولكن نتحدّث عن نظر يكون فيه الايمان منسوجاً بالحبّ. "رأى وآمن". هذا ما يقول الانجيل عن التلميذ الآخر (يوحنا). في الواقع، لا نعرف شيئاً عن يقظة الايمان عند يوحنا، ولا عن صمت بطرس. ولكن الانجيل يربط حالاً الايمان بالمحبّة (التلميذ الحبيب آمن): ذاك الذي كان يسوع يحبه، كان أول من قرأ علامات الحجر الذي رُفع عن القبر والاكفان المرتّبة والموضوعة على حدة. وساعة حضور يسوع على شاطىء البحيرة، سيكون أول من يتعرّف إليه من بعيد فيقول: "هذا هو الرب" (21: 7). هذا هو نداء صباح القيامة: تحقّق من إيمانك، تحقّق من محبّتك. لماذا تؤمن أنت بأن يسوع قد قام؟ كيف تركت إيمانك يجتاح حياتك؟ هذا هو الوقت الذي فيه تجدّد اندفاعنا نحو ذلك الذي ينتظرنا ليقدّم لنا الحياة القويّة التي ترفع كل صخر كما في صباح القيامة. "كنا نرجو. ولكن الآن انتهى كل شيء". لا، لم ينته شيء حين نسمع صوت يسوع وكأنه صوت الله. ووسع سماعنا وعمقُه يكونان على قدر تأمّلنا ومناجاتنا. إن قال لنا شخص: إخسر حياتك فتستعيدها، لهززنا رؤوسنا. ولكن هذه الكلمات التي يوجّهها يسوع الممجّد تلمع بشرارة الرجاء. لقد اجتاز الالم والموت. ونحن نعمل مثله. شرط أن نسمع صوته يقول لنا كيف نسير في الليل، وكيف نصل في النهاية الى النور. هو يعرف وهو يدلّنا على الطريق. كل يركض في صباح القيامة. ذهبت مريم المجدلية قبل الفجر ووصلت الأولى لترى أن القبر كان فارغاً. وركض بطرس ويوحنا بدورهما. رأى التلميذ وآمن. ومريم بدورها ستسمع الرب يناديها. وبطرس أعلن ليسوع: أنت المسيح ابن الله الحي. رأى يوحنا، سعت مريم، أعلن بطرس. وجوه ثلاثة تظهر الايمان الواحد. يا بكراً قام من بين الاموات. فيك حياتنا. يا حجراً رذله البناؤون فصار رأس الزاوية. بك ايماننا |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|