فسَمِعَه بَعضُ الفِرِّيسيِّينَ الَّذينَ كانوا معَه فقالوا له: ((أَفنَحنُ أَيضاً عُمْيان؟))
عبارة " الفِرِّيسيِّينَ " مشتقة من الآرامية הַפְּרוּשִׁים (معناها المنعزلون) تشير إلى إحدى فئات اليَهود الرئيسية الثلاث مع الصدُّوقيين والأسِّينيين. الفِرِّيسيُّونَ هم قادة اليَهود في الأمور الدينية. وقد حصروا الصلاح في طاعة الشَّرّيعَة، فجاءت ديانتهم ظاهرية وليست قلبية داخلية. واشتهر معظمهم بالرِّياء فوبَّخهم السيد المسيح بشدِّة على ريائهم وادعائهم البرّ كذباً وتحميلهم الناس أثقال العرضيات دون الاكتراث لجوهر الشَّرّيعَة (متى 5: 20 و16: 6 و11 و12 و23: 1ـ 39). والغريب انهم هنا يتكلمون مع الجميع بشأن الَأعْمى المُعافى إلا معه. إنهم يتكلمون عنه ولكن ليس معه مباشرة. أمَّا عبارة " أَفنَحنُ أَيضاً عُمْيان؟" فتشير إلى استفهام من يسوع يدل على نوع من التهكم كأنهم يقولون نحن علماء الشَّرّيعَة أتحسبنا عميان بالروح. أدراك الفِرِّيسيِّونَ أنه يتحدث عن العَمى الروحي، فسألوه إن كان يقصدهم بهذا. وهذا دليل على كبريائهم وترفُّعهم على الآخرين، فهم يشعرون أنَّهم حكماء وأذكياء، ويُعلق القديس يوحنا الذهبي الفم "قول الفِرِّيسيِّينَ للسيد المسيح " أَفنَحنُ أَيضاً عُمْيان؟" على نحو ما قالوا في غير هذا الموضع: "إننا ذرية إبراهيم ولم نُستعبد لأحد قط؛ إننا لم نولد في زنى" (يوحنا 8: 33، 41) هكذا قالوا الآن". وهم نسوا ما قاله بولُس الرَّسول "وإِنَّنا نَعلَمُ أَنَّ كُلَّ ما تَقولُه الشَّرّيعَة إِنَّما تَقولُه لِلَّذينَ هم في حُكْمِ الشَّرّيعَة، لِكَي يُخرَسَ كُلُّ لِسان ولِكَي يُعَرَفَ العالَمُ كُلُّه مُذنِبًا عِندَ الله" (رومة 3: 19).