* "من يقدر أن يطهر شيئًا به بذرة نجسة؟" إنه هو وحده الطاهر في ذاته يقدر أن يطهر الأمور النجسة.
فالإنسان الذي يعيش في جسدٍ فاسدٍ تتأصل فيه نجاسة التجربة، إذ يستمدها من مولده. فإن الحَبَلْ به هو نفسه يتحقق بلذة جسدية غير طاهرة. يقول المرتل: "بالآثام حُبل بي، وبالخطايا ولدتني أمي" (مز 51: 5)... لهذا يُجرب الإنسان بغير إرادته. أما من يسيطر على عواطف التجارب السرية، ويغلب دنس الفكر، فيلزمه ألاَّ ينسب هذه الطهارة إلى نفسه، إذ لا يستطيع أحد أن يجعل ما حُبل به في دنسٍ أن يصير طاهرًا، إلاَّ ذاك الذي هو وحده طاهر في ذاته.
المعنى هنا هو أن الطوباوي أيوب كان متطلعًا إلى تجسد المخلص، فرأى أنه هذا الإنسان وحده في العالم لم يُحبل به من زرعٍ دنسٍ، فلم يستمد شيئًا من حبلٍ دنسٍ. إذ لم يأتِ من زرع رجل وامرأة، بل من الروح القدس والعذراء مريم. هو وحده طاهر بحق في جسده، إذ لم يأتِ إلى العالم حسب مسرة الجسد.