القليل أيضًا خطير!
"اَلذُّبَابُ الْمَيِّتُ يُنَتِّنُ وَيُخَمِّرُ طِيبَ الْعَطَّارِ"
( جامعة 10: 1 )
يا لها من كلمات خطيرة! فالطيب المُنعش والمُبهج ذو الرائحة العطرية، يصير نتنًا ورائحته كريهة، إذا لم يُحفَظ من الذباب. إن الذباب الصغير جدًا، إذا ما وصل إلى طيب العطار، يموت فيه، ويُحوِّل رائحته الذكية إلى رائحة نتنة. والخطايا الصغيرة، والصغيرة جدًا، التي قد نستخف بها، إذا لم نسهر ضدها، أو بل بالحري إذا لم نسلك بالتدقيق، ولم نمتنع عن كل شبه شر، فإن ذلك يؤثر على شركتنا الروحية مع الرب، وبالتالي تفسد شهادتنا لاسمه ولمجده، فنصير سبب إهانة للاسم الحسن الذي دُعيَّ علينا، وسبب عثرة للآخرين.
أيها الأحباء: حذار! إن القليل هو أيضًا خطير! والكتاب المقدس يُحذّرنا باستمرار من الاستخفاف بالأمور الصغيرة أو القليلة؛ فالثعالب الصغار تُفسد الكروم التي أزهرت وبدأت في الإثمار ( نش 2: 15 )، والخميرة الصغيرة تُخمّر العجين كله ( 1كو 5: 6 يع 3: 5 )، والنار القليلة تحرق وقودًا كثيرًا ( أم 6: 10 )، والنوم القليل يأتي بالفقر والعوز ( جا 10: 1 )، والجهالة القليلة تُفسد الحكمة والكرامة (جا10: 1). إننا إذا تساهلنا في أمر أية خطية أدبية صغيرة في حياتنا، فإنها سريعًا ما تستفحل وتتوسع، حتى تتأثر بها كل مناحي حياتنا. والخطأ الصغير قد يجرّ أخطاء كثيرة. فالشر ليس عديم التكاثر أبدًا.
فحذار! ... حذار - يا صديقي - من الخطية المُحيطة بك بسهولة، لأنها تجعل رائحتك الجميلة نتنة وفاسدة، والنور الذي فيك يصير ظلامًا. فلا تُعطِ إبليس مكانًا، بل بالحري احفظ قلبك مُغلَقًا ضد الخطية، لأن فكرًا شريرًا، أو نظرة دنسة، أو عبارة هزل، أو أية كلمة رديئة، أو غير ذلك مما نُسميه خطايا صغيرة، هي كالذباب الميت الذي ينتن ويخمر طيب العطار، لذلك:
"امْتَنِعُوا عَنْ كُلِّ شِبْهِ شَرّ" ( 1تس 5: 22 ).