رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
فَأَفْنَى أَيَّامَهُمْ بِالْبَاطِلِ، وَسِنِيهِمْ بِالرُّعْبِ [33]. لقد قضوا أربعين سنة في رحلتهم من مصر إلى كنعان، هذه الرحلة التي لم تكن تحتاج إلا إلى عدة أيام، فأفنى الله أيامهم بالباطل وسنيهم بالرعب. هذا هو ثمر عدم الإيمان والجحود والتذمر: حياة باطلة مملوءة فراغًا، بلا ثمر. أما إذا رجع الإنسان إلى إلهه بالتوبة، فيتمتع بالوعد الإلهي: "وأعوض لكم عن السنين التي أكلها الجراد الغوغاء والطيار والقمص، جيشي العظيم الذي أرسلته عليكم" (يوئيل 25:2). إذ رفضوا الإيمان، ففي عدم إيمانهم ارتبطوا بالباطل، الذي أفنى أيامهم كأنهم عاشوا بلا هدف. وكما أن عدم الإيمان حوَّل رحلتهم في البرية إلى تيه، فلم يستطيعوا البلوغ إلى أرض الموعد، هكذا دفع بهم إلى الرعب والموت [33]. تحولت البرية إلى مكانٍ رهيبٍ، ومقبرةٍ تضم أعدادًا بل حصر، بل تلقفت كل الجيل الخارج من مصر ماعدا يشوع بن نون وكالب بن يفنة. يقول الله "أفنى أيامهم بالباطل". إنه لا يشاء موتهم، لكنهم بكامل حرية اختيارهم سلكوا طريق عدم الإيمان، فصاروا باطلًا وفنيت حياتهم. إذ حلّ بهم التأديب، رأوا الموت يحصد السمان منهم والمختارين، تذكروا أن الله صخرتهم، فيه يحتمون، والعلي وليَّهم المهتم بهم، فجاءوا إليه كأتقياء من الخارج، أما قلوبهم فلم تثبت معه. سقطوا في خطايا الخداع والكذب والرياء. هذا هو قانون الطبيعة البشرية بعد فسادها، حين يقدم لها هبات مجانية بسخاءٍ تتذمر وتجحد، وحين يؤدب كمن يقتل، ترجع وتطلب الله وليَّها خوفًا من التأديب، وليس شوقًا إليه، تطلبه ليس بكل القلب، لذا يعاتبها: "وقد أذلت عظمة إسرائيل في وجهه، وهم لا يرجعون إلى الرب إلههم، ولا يطلبونه مع كل هذا" (هو 10:7). هذا ما يكشفه تاريخ إسرائيل الطويل مع الله. إنهم يدخلون معه في عهدٍ، لكنهم لا يهتمون بالحفاظ عليه، إنما يكسرونه بلا سبب. رجعوا إليه بعد التأديب، يعلنون توبتهم بالكلام لا العمل، فصاروا مخادعين وكذبة. * كل حياة الناس الهالكين مسرعة، وتلك التي تبدو طويلة ليست إلا بخارًا لن يدوم. القديس أغسطينوس |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|