رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أمَّا أَنَا فَالاِقْتِرَابُ إِلَى اللهِ حَسَنٌ لِي. جَعَلْتُ بِالسَيِّدِ الرَبِّ مَلْجَإِي، لأُخْبِرَ بِكُلِّ صَنَائِعِكَ. الاقتراب إلى الله هنا يضاد الابتعاد عنه والزنا وراءه [ع27]. إذ يدرك المؤمن اقتراب الله منه، يجد مسرته في اقترابه هو من الله. يجد في الله ملجأ له، وفرصة لمناجاته والحديث معه وعنه. * يا إخوة، ماذا تنالون أكثر. فإنه ليس شيء أفضل من الاقتراب إلى الله، حين نراه وجهًا لوجهٍ (1 كو 13: 12). القديس أغسطينوس * ليس القديس بولس وحده الذي يقول إنه يجب أن نتحد مع الله، فلا ندع شيئًا يفصلنا عنه. ألم يعبّر النبي على هذا الأمر بقدرٍ مساوٍ وبإيجازٍ شديدٍ للغاية، عندما يقول: "الاقتراب إلى الله حسن لي". · مثل هذا الالتصاق يَشهد به ذاك الذي يقول عنه الرسول: "المحبة فلتكن بلا رياء، كونوا كارهين للشر، ملتصقين بالخير" (رو ١٢: ٩). · في السماء لا تكون لنا خبرة الاحتياج، ولهذا سنكون سعداء. إذ نكون مكتفين، ويتحقق هذا بإلهنا. وسيكون هذا لنا بالنسبة لكل الأشياء التي نتطلع إليها هنا أنها عظيمة القيمة. هنا تطلبون الطعام كأمرٍ ضروري، هناك يكون الله طعامكم. هنا تطلبون الأحضان الجسدية، "الاقتراب إلى الله حسن لي" [ع٢٨]. هنا تطلبون الغنى، فكيف تحتاجون إلى كل هذه الأمور هناك، حيث تقتنون ذاك الذي خلق كل الأشياء؟ أخيرًا لكي يقيمكم في أمان يقول الرسول الكلمات الخاصة بتلك الحياة: "يكون الله الكل في الكل" (١ كو ١٥: ٢٨). القديس أغسطينوس * هل التصقت بالله؟ لقد أنهيت رحلتك، وستبقى في مدينتك الحقيقية. * الآن إن كنتم تحبون ما قد صنعه، فكم بالأكثر يلزم أن نحب ذاك الذي خلقها. إن كان العالم جميلًا، فكم يكون مبدع العالم؟ لهذا مزقوا قلوبكم وأبعدوها عن محبة المخلوقات لكي ما تلتصقوا بالخالق. عندئذ القول بما هو مكتوب في المزمور: "الاقتراب إلى إلهي حسن لي". * النفس التي تهجر خالقها لتحب المخلوق زانية. ليس شيء أكثر طهارة أو أكثر بهجة من محبته. فإن تركتموه واحتضنتم غيره تصيرون دنسين. أيتها النفس، إن أردت أن تتأهلي لحضنه، اتركي الأمور الأخرى هذه، والتصقي به دون توقع لمكافأة. لهذا يقول المرتل: "الاقتراب إلى الله حسن لي". في العبارة السابقة: "هوذا البعداء عنك يبيدون". بعد ذلك كأنه يرغب أن يظهر ما هو الزنا، لذا أضاف: "الاقتراب إلى الله حسن لي"، لست أطلب شيئًا سواه. الالتصاق به هو صلاحي، صلاحي الذي بلا أي رجاء للعودة عنه. * عندما تبلغون إلى هذه الحالة السعيدة للكمال، ستحسبون كل ملذات هذا العالم نفاية، وتستطيعون القول مع النبي: "أما أنا فالاقتراب إلى الله حسن لي". * بالتأكيد الشيطان هو موجه الاتهام ضد القدِّيسين. إنه لا يقدر في حضرة ديان كهذا أن ينسب اتهامًا خاطئًا باطلًا ضدنا... فهو يعرف مع من يتكلم. لهذا يلجأ إلى القول بشيءٍ صادق. فإن خصمنا الذي يحسدنا على وجودنا في ملكوت السماوات، ولا يريدنا أن نكون هناك حيث طُرد هو منه، يقول: "هل مجانًا يَعبد أيوب الله؟" (أي 1: 9). يتهم خصمنا أيوب دون أن ينظر إلى قلبه. يليق بنا أن نحرص على حبنا لله، ليس من أجل مكافأة. فإنه أيّ نوع من المكافأة هذه التي يعطيك الله إياها؟ مهما أعطاك فهو أقل من ذاته. لا تعبد الله تلقائيًا لكي ما تقبل منه شيئًا. اعبده دون أن ترجو مقابل، وعندئذ تتقبله هو، فإن الله يحفظ نفسه لك لتتمتع به. إن كنت تحب ما خلقه، فكم يكون خالق العالم؟ لذلك انزع من قلبك محبة المخلوقات لكي ما تلتصق بالخالق، وعندئذ تقول ما جاء في المزمور: "خير لي أن اَلتصق بإلهي" (مز 72: 28). الأب قيصريوس أسقف آرل * يُقال أن ابنة صهيون هي أورشليم، لكونها تحت جبل صهيون. وأيضًا الكنيسة المسيحية وأبوابها هي هياكل في العالم كله. وأيضًا أبوابها التي تدخل إلى كنيسة المسيح هي العهدان القديم والجديد ومعلموها وأحبارها. الأب أنثيموس الأورشليمي * يمكن تقسيم الأشخاص الذين وصلوا إلى المرحلة التي تلي مرحلة الطفولة إلى نوعين: ينمو البعض بواسطة الدراسة والتفكير، بينما البعض الآخر ينمون باِتحادهم مع كلمة الله، وارتباطهم بالحب العميق (مثل هذه النفوس تشبه داود وبولس). فيقولون: "أما أنا فالاقتراب إلى الله حسن لي" (مز 73: 28). وأيضًا من سيفصلنا عن محبة المسيح؟ لا الموت أو الحياة، ولا الأمور الحاضرة ولا الآتية، ولا أي شيء آخر يمكن أن يفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا (رو 8: 35، 38-39). على الجانب الآخر يوجد أشخاص آخرون، هؤلاء يهربون من خطيئة الزنا لخوفهم من العقاب، فيبقون غير فاسدين وطاهرين، لكنهم يرفضون الشر من خلال الخوف لا الرغبة. لكن يوجد من هم أكمل، الذين يتحدون في عدم فساد مع طهارة الله، ويسمى هؤلاء "بالملكات" لاتصالهم بالملك. يُسمى الأشخاص الذين يزرعون الفضيلة نتيجة للخوف "بالسراري". فالسراري... لا يشاركن في عظمة الله ونبله. إذ كيف يمكن أن يفصل الشخص، الذي ينقصه العقل المدبر بالفضيلة، نفسه من الشر بخنوع العبيد؟ تُشير كلمة "ملكات" إلى الأشخاص الذين اِستحقوا الوقوف إلى جانب اليمين من الملك. وهو يقول لهم: "تعالوا يا مباركي أبى رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم" (مت 25: 34). ويقول لهؤلاء الذين هم أقل في المستوى: "خافوا من الذي بعد ما يقتل له سلطان أن يلقي في جهنم" (لو 12: 5). القديس غريغوريوس أسقف نيصص * حواس النفس الخمس المدركة إن نالت النعمة من فوق وتقديس الروح، كانت هي حقًا الخمس عذارى اللواتي نلن حكمة النعمة من فوق. وأما إن بقيت على طبيعتها كانت جاهلة، فتنكشف أنها من مواليد العالم، لكونها لم تَنبذ عنها روح العالم، مع أنها في غرورها، تزعم أنها عرائس العريس حقًا بلطف منطوقها ورزانة منظرها، لأنه كما أن النفوس التي تلتصق بالرب بكليتها فيه، تفتكر وتصلي وتسعى وتتلهف إلى محبة الرب (مز 72: 28)، كذلك النفوس المربوطة بحب العالم تشتهي أن يكون تصرفها على الأرض، فهناك تسعى، وهناك تشغل أفكارها، وهناك يسكن عقلها تمامًا. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|