رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديس غريغوريوس اللاهوتي الكهنوت كعلم علاجي الكهنوت هو امتداد لعمل المسيح، والمسيح كما يشرح القديس غريغوريوس اللاهوتي هو طبيب البشر الأول والمطلق. عمل المسيح هو العلاج. إنه يوحد الطبيعة الإنسانية والطبيعة الإلهية في شخصه. فقد تألم، وصلب، ثم قام لكي يؤله الطبيعة الإنسانية. لو أن مهمة منهج الكنيسة العلاجي هي تأليه الإنسان، فإن كل التدبير الإلهي كان يهدف إلي ذلك. يكتب القديس غريغوريوس قائلاً: "هذه هي أمنية المسيح، الذي هو مكمل القانون الروحي وغايته؛ هذا هو الغرض من إخلاء الذات الإلهي، ومن الجسد المُتَخَذ، ومن الاتحاد الجديد بين الله والإنسان، واحد متكون من اثنين والاثنين في واحد". إنه يمضي قدماً سارداً قائمة بكل مراحل الفداء التي للتدبير الإلهي. المسيح هو شافي الجنس البشري. لقد قدس طبيعة الإنسان. إنه أقوي علاج لشفاء أمراضنا الروحية. كل شيء فعله المسيح كان لأجل شفاء الإنسان. "كل هذا هو تدريب من الله لنا، وشفاء لأسقامنا، وإعادة آدم الأول إلي المكان الذي سقط منه، وقيادتنا إلي شجرة الحياة...". من الجدير بالذكر أن القديس يربط تدريبنا بشفاء أمراضنا، وهو أيضاً يعني بهذا المرض سقوط آدم بعيداً عن الله. لا توجد في الواقع طريقة أخري لفهم هذا التدريب سوي أنه شفاء الإنسان، وعودته للشركة مع الله والاتحاد به. يكمل الكهنة هذه المهمة. يقوم الكهنة، وفوق الكل الأسقف، بعمل المسيح العلاجي ويصبحون شركاء مع الله في خلاص الجنس البشري. يكتب القديس غريغوريوس قائلاً: "إننا كمختارين من بين الآخرين من أجل مهمة الشفاء نعمل كوكلاء وزملاء عمل". أولئك الكهنة منا هم شركاء في هذا الشفاء وخدامه. بالطبع نحن نقيم شعائر الأسرار، لكن ينبغي علينا أن نجعلها جزءاً من العلاج، لأن الغرض من حياة الكنيسة الأسرارية والنسكية هو شفاء الناس. إنه يستشهد بيوئيل النبي الذي يحث الكهنة علي البكاء "ويريد من خدام المذبح أن ينوحوا عندما تأتى المجاعة" ويخبرهم "أن يقدسوا صوماً وينادوا بالشفاء...". "تعني المناداة بالشفاء" المناداة بالتوبة. إننا نري هنا كلمة "شفاء" مستعملة محل كلمة "توبة"، مما يعني أن الشفاء هو عودة الإنسان إلي الله والشركة معه. مهمة الكاهن هي شفاء الناس، ويجب أن يتم ذلك "بطريقة علمية". قيادة الكاهن لشخص الاتحاد بالله والشركة معه هي علم في حد ذاته، كما نري ذلك من نص آخر للقديس غريغوريوس اللاهوتي: "لأن قيادة الإنسان، الذي هو أكثر المخلوقات تنوعاً وتشعباً، تبدو بالنسبة لي فن الفنون وعلم العلوم بحق". يسمي القديس ممارسة المنهج العلاجي من قِبَل الكاهن "فن الفنون وعلم العلوم". هذا هو السبب الذي يجعل علم اللاهوت أيضاً علماً علاجياً. ليس الكهنوت مجرد ممارسة طقوس مقدسة. ممارسة الأسرار هي نفسها جزء من المنهج العلاجي. ليست مهمة الكاهن مجرد إقامة الطقوس لكنها علاجية أيضاً. إن رسالته في جوهرها هي فحص النفوس. يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي أن "قيادة الجمهور أو القطيع" ليست نفس الشيء مثل "اقناء سلطان علي نفوس الناس". يهتم راعي قطيع الغنم بتسمينهم، وهو يستعمل كل الوسائل لتحقيق ذلك. لا يوجد بالمرة أي راعٍ يهتم بفضائل حيواناته. علي كل حال الإشراف الرعوي (أو بكلمات أخري العلاجي) هو عمل شاق جداً. ينبغي علي الشخص أن يتعلم الخضوع، وإلا لن يتعلم قط كيف يُخضع آخرين. "في حالة الإنسان، يكون أمراً صعباً أن يعرف كيف يخضع لقيادة آخر، ويبدو أنه أكثر صعوبة أن يعرف كيف يقود آخرين". رعاية قطيع تعني مراقبة النفوس، ومراقبة النفوس ترتبط بشفاء النفوس. ينبغي علي الكاهن أن يضطلع بهذه المهمة بحرية، بموافقة الرعية. "وبالتالي يفرض علينا ناموسنا ومعطينا الناموس بصورة حازمة أن "نتعهد القطيع لا بالإكراه بل بالإرادة". محاولة العديد من التربويين والمعالجين النفسيين لقيادة الناس نحو الشفاء بالتعدي علي حريتهم هي أمر أبعد ما يكون عن التعليم الرعوي الأرثوذكسي الذي يحترم الحرية الشخصية غير المشروطة. يجب ممارسة الرسالة الرعائية والعلاجية بطريقة علمية. يصلي القديس غريغوريوس اللاهوتي لله لكي يساعدنا علي "أن نغذي قطيعنا بالمعرفة، ليس مثل الرعاة عديمي الخبرة". من الواضح هنا أيضاً أنه ينبغي أن يتم العلاج بطريقة علمية، مع معرفة بكل من المرض وعلاجه. لا ينبغي علي المعالج أن يكون عديم الخبرة، لأنه علي حين أن معرفة أن طريقة الشفاء تجلب بركة، إلا أن الجهل بطريقة الشفاء، أي عدم الخبرة الروحية، يستوجب الدينونة. تكون المعرفة مطلوبة لأنه من السهل فعل الشر، علي حين أن فعل الخير يكون صعباً. لا يريد الناس في أغلب الأحيان أن يتخلوا عن الشر. يكتب القديس غريغوريوس قائلاً: "الرذيلة هي أمر مغري وسهل الحصول عليه، ولا يوجد ما هو أسهل منها... علي حين أن اقتناء الفضيلة هو أمر نادر وصعب". لخلاصة هي أن الكهنوت هو علم علاجي. الهدف منه هو استعمال كل الوسائل التي تمتلكها كنيستنا المقدسة. هذه هي مهمة الكاهن، والأسقف علي الأخص. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
القديس غريغوريوس اللاهوتي | رفض الكهنوت وقبوله |
القديس غريغوريوس اللاهوتي |
شهادة القديس غريغوريوس اللاهوتي في القديس باسيليوس الكبير |
صورة القديس غريغوريوس اللاهوتي |
صورة القديس غريغوريوس اللاهوتي |