العلامة أوريجانوس
[القديس لا يطلب شيئًا منخفضًا أو دنيئًا، ولا يسأل أمرًا في قاع الأدوية، إنما يطلب جبلًا مرتفعًا، جبلًا على قمته مدن عظيمة محصنة. يقول الكتاب بالحق: "إن العناقيين هناك والمدن عظيمة محصنة" [12]. إذن هذا هو موضوع طلبه، إذ كان يعرف فن الحرب، كما هو مكتوب: "الحكيم يتسور مدينة الجبابرة ويُسقط قوة معتمدها" (أم 21: 22). هل تظن أن سليمان بقوله هذا أراد منا أن نتعلم بأن الحكيم يستولى على مدن ويهدم أسوار مبنية بالحجارة؟! إنه قد عَنَى بالمدينة والأسوار أي العقائد والبراهين التي بها يبني الملحدون الفلاسفة كل الآراء الدنسة المضادة للناموس الإلهي والتي يستخدمها الوثنيون والبرابرة... ما هي المدن التي يهدمها الحكماء عند إعلاء كلمة الحق؟ إنها مدن الكذب التي يجب بالحق هدمها، كقول الرسول: "هادمين ظنونًا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله" (2 كو 10: 5). اليوم يقف كالب الحكيم جدًا أمام يشوع ويعده أنه سيكون قويًا في الحرب مستعدًا للصراع، طالبًا منه الإذن بالجدال، لكي يهاجم حكماء الدهر الذين يؤكدون الكذب عوض الحق، ولكي ينقضهم ويقهرهم ويقلب كل أبنية مغالطاتهم، لهذا إذ نظر يشوع نشاطه "باركه" [13]؛ بلا شك باركه بإرادة وجرأة! وأنت أيضًا إن كرست حياتك للدراسة والتأمل في ناموس الله بروح الحكمة تصير قلبًا (كالب) يلهج في ناموس الله، قادرًا على هدم المدن العظيمة المحصنة، أي هدم أقوال مخترعي الكذب، بهذا تستحق بركة يشوع وتتسلم فيه حبرون].