رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الختان الثاني... "في ذلك الوقت قال الرب ليشوع: أصنع لنفسك سكاكين من صوان، وعُد فأختن بني إسرائيل ثانية" [2]. حين وعد الله إبراهيم بأرض كنعان لتكون له ولنسله ملكًا أبديًا (تك 17: 8) كان الختان هو ختم العهد بموجبه تتحقق مواعيد الله. لماذا يقول الله ليشوع: "إختن بني إسرائيل ثانية"؟ حقًا لم يكن بني إسرائيل في ذلك الحين مختتنًا، لأن كل الذكور الذين خرجوا من مصر هلكوا في البرية، ولم يدخل كنعان منهم سوى يشوع وكالب. فلكي ينعم نسل إبراهيم هذا بالوعد التزم بالختان في الجلجال لكي يدخلوا في العضوية المقدسة لشعب الله، فقد حذر الله إبراهيم: "أما الذكر الأغلف الذي لا يختن في لحم غرلته فتقطع تلك النفس من شعبها، إنه قد نكث عهدي" (تك 17: 4). كانت الضرورة ملحة أن يختتنوا ما داموا قد تركوا البرية، ووجدت الظروف المناسبة للختان... لكن لماذا يقول "إختن... ثانية"؟ يجيب العلامة أوريجانوس على هذا السؤال: [إننا نقول عمن تهذب تحت الناموس وتلقى تعاليم موسى تاركًا أخطاء الوثنية وهاجرًا عبادتها وخرافتها أنه قد تمم الختان الأول الذي حسب الناموس. لكننا إن كنا قد انتقلنا من الناموس والأنبياء إلى الإنجيل فإننا نختن ثانية بواسطة "الضخرة (التي) كانت المسيح" (1 كو 10: 4) وعندئذ تتحقق فينا كلمة الرب ليشوع: "اليوم قد دحرجت عنكم عار مصر" [19]]. هذا أيضًا ما أوضحه الأب لكتانتيوسبقوله: [لا يكون هذا الختان الثاني للجسد كما كان الختان الأول الذي لا يزال اليهود يمارسونه، إنما هو ختان القلب والروح الذي يهبه المسيح، يسوع الحقيقي ]. وقد التجأ القديس كبريانوسإلى هذه العبارة من بين العبارات التي اقتبسها من العهدين القديم والجديد ليؤكد لليهود الحاجة إلى ختان الروح وبطلان ختان الجسد. لقد تم الختان الثاني في الجلجال قبل الاستيلاء على مدن كنعان مباشرة، كان ذلك لكي يؤكد لكل عضو في الجماعة أن الدفن في الأردن والقيامة يخصان السيد المسيح نفسه الذي دُفن وقام، حتى باتحادنا معه نُصلب معه ونُدفن ونقوم أيضًا. إنه تحقيق للمعمودية على المستوى الشخصي لكل عضو في الجماعة. ففي الجلجال نرى الاثني عشر حجرًا المحمولين من قاع الأردن يمثلون جسد المسيح في كليته وقد تمتع بالدفن والقيامة، أما في الختان فنرى كل عضو في الجماعة ينعم بالدفن والقيامة. يؤكد الكتاب: "صنع يشوع سكاكين من صوان وختن بني إسرائيل في تل القلف" [3]. إن كان الصوان أو الصخر يُشير إلى السيد المسيح (1 كو 10: 4)، فإن هذه السكاكين إنما تُشير إلى صليب السيد الذي يقبله المؤمن ليصلب معه ويختن عن كل أعمال الإنسان العتيق، متمتعًا بالإنسان الجديد المقام من الأموات! هكذا يظهر الختان كقوة حياة داخلية، حيث ينعم الإنسان بالشركة العملية مع قائده الحقيقي -يسوع المسيح- يقبل صلبه لينعم بقوة قيامته واهبه الغلبة والنصرة على إبليس، بل وعلى الموت نفسه! لقد "أقاموا في أماكنهم في المحلة حتى برئوا، وقال الرب ليشوع: قد دحرجت عنكم عار مصر فدعى اسم ذلك المكان الجلجال إلى هذا اليوم" [9]. كلمة "جلجال" تعني "دحرجة"، فإن الله يريد أن يدحرج عنهم عار العبودية الذي ارتبط به ذهن الشعب القديم بمصر. يقول العلامة أوريجانوس: [لنقترب إلى معنى هذه العبارة، فإن كل الناس حتى إن كانوا تحت الناموس وقبلوا تعاليم موسى ففيهم عار مصر أي عار الخطية. من يمكن أن يُقارن ببولس حتى في حفظ الناموس؟ إذ يقول: "من جهة البر الذي في الناموس بلا لوم" (في 3: 6), ومع هذا فإنه يعلن بنفسه: "لأننا كنا نحن أيضًا قبلًا أغبياء غير طائعين ضالين مستعبدين لشهوات ولذات مختلفة عائشين في الخبث والحسد ممقوتين مبغضين بعضنا بعضًا" (تي 3: 3). ألاَّ يعني هنا عار مصر...؟! لكن جاء يسوع وأعطانا الختان الثاني "بغسل الميلاد الثاني" (تي 3: 5)، وطهّر أرواحنا وطرح عنا هذا العار وأعطانا عوضًا عنه الوعد بالضمير الصالح نحو الله. إذن الختان الثاني هو الذي نزع العار وطهرنا من رذائلنا وأخطائنا... إذن إن كنا بالإيمان قد عبرنا مجرى الأردن بفضل الإنجيل وتطهرنا بالختان الثاني فلا نخشى عار الخطية السابقة. أتسمع: "لقد دحرجت عنكم عار مصر؟!]. كما يقول أيضًا: [هذا ما يريد الرب أن يقوله في الأناجيل إذ يقول: "مغفورة لك خطاياك" (مر 2: 5)، لكنه يقول: "لا تخطيء أيضًا لئلا يكون لك أشر" (يو 5: 14). فإن كنت لا تخطيء قط بعد نوال غفران الخطايا يكون بالحقيقة قد دحرج عنك العار. أما إذا ارتكبت خطايا جديدة فإنك بهذا ترجع إلى العار القديم، بل بالحري تكون في حالة أشر كمن "داس ابن الله الوحيد وحسب دم العهد الذي قدس به دنسًا" (عب 10: 29)... نعم من يُسلّم نفسه للزنا بعد قبوله الإنجيل يكون عاره أكثر جسامة من الذي يفعل ذلك وهو تحت الناموس. لأنه كما قيل: "أفآخذ أعضاء المسيح وأجعلها أعضاء زانية؟!" (1 كو 6: 15). أترى كيف بالتكاسل يتراكم العار الراجع إليك ويثقل عليك.؟! آه! إنه لا يكون اتهامك هو النجاسة إنما تدان كمنتهك للمقدسات، فقد قيل عنك: "أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل الله" (1 كو 6: 9)، "إن كان أحد يفسد هيكل الله فسيفسده الله" (1 كو 3: 17)]. كما قال: [أضف إلى ذلك أن "الذي يزني يخطي إلى جسده" (1 كو 6: 18)، ليس إلى جسده الذي صار هيكلًا لله بل إلى جسد الكنيسة كلها، فمن يدنس جسده؛ فكعضو ينتشر الدنس في الجسد كله... إذن لكي يكمل فينا الختان الثاني ويُنزع عنا عار مصر العتيق، لننفصل تمامًا عن هذه الأدناس، فنكون أنقياء في الجسد والروح لنرفع "أيادي طاهرة" (1 تي 2: 8) وفم طاهر وشفاه طاهرة، ممجدين الله بقلب صادق، بصلواتنا وأعمالنا، في المسيح يسوع ربنا الذي له المجد والسلطان إلى الأبد الآباد ]. إذ نعرف عدونا الروحي ونقتني الختان الثاني الذي يُطهرنا من كل دنس ويحررنا من كل سلطان لهذا العدو لكي لا يكون له في قلبنا ميراث يلزمنا أن نتسلح أيضًا بالفصح الجديد. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
الآن يتساوي القوي والجبان |
ابكوا على الضعيف النفس والجبان |
" الشجاع والجبان كلاهما يشعر بالخوف !! |
الغضب هو الشكل المطور والجبان عن الحزن ، |
ابغض الرجال عند النساء : البخيل والجبان |