منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 15 - 12 - 2022, 02:24 PM
الصورة الرمزية Mary Naeem
 
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  Mary Naeem غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,275,281

أنا البَاب






أنا البَاب



﴿اِجتَهِدوا أنْ تَدخُلوا مِنَ البابِ الضّيق﴾

(لوقا 24:13).

أَلا يَكفي مَا في هَذا العالمِ مِنْ ضِيقَاتٍ وَشَدائِد وصعوبات، حَتّى يَكونَ بابُ الخلاصِ أَيضًا ضِيِّقًا؟! أَمْ أَنَّ ضِيقَاتِ الحَياة، وَالَّتي تُصيبُنا بينَ الفينةِ والأُخرى، هي جُزءٌ مِن بَابِنا الضَّيق، الّذي لا بُدَّ لَنا مِن اجتِيَازِه، سَبيلًا لِبُلوغِ الخَلاصِ يَومًا؟! بالْمُناسَبة، الْمُسيحُ لم يكذِب عَلينا، وَاعِدًا إيّانا بحياةٍ من التَّرَفِ والرّخاءِ وَبحْبوحةِ العَيش، إنّما أَنْبَأنا مُسْبَقًا، بِأنَّ حياةَ تِلميذِ الْمَسيح هيَ صَليبٌ يَوْمِي، لأنّه: ﴿مَن أرادَ أن يَتبَعني، فَلْيَزهَد في نَفسِهِ، وَيحمِل صَليبَهُ كُلَّ يومٍ وَيَتبعني﴾ (لوقا 23:9). فَالألمُ جُزءٌ مِن حَياتِنا، ولا سَبيلَ لِلهُروبِ مِنه، فَالإنسانُ بِتَركِيبَتِه وَتَكوينِه الجَسَديّ والنَّفسي، يَشعرُ بالألمِ وَيختبِرُ الضّيقَ وَيحسُّ بالشِّدَةِ والشَّقَاء.



أَمَّا الْمُؤمِنُ، فَمَع الْمسيح، يُصبِحُ لِآَلامِه مَعنىً خَلاصي. فَلا يَعودُ الألمُ والضّيقُ سَبَبًا لِلْيأسِ وَالإحباط، بَلْ سَبيلًا لِلْفَرحِ والخلاص. وَهَا نحنُ نَسمعُ بُطرسَ الرَّسول، يُخاطِبنا في رِسَالتِهِ الأولَى، قَائِلًا: ﴿اِفرَحوا بِقَدرِ مَا تُشارِكونَ الْمَسيحَ في آلامِه﴾ (1بطرس 13:4). أَمَّا الْمَسيحيُّ الّذي يَعتقِدُ أَنّهُ مُحصَّنٌ أَمَامَ الآلامِ وَالضِّيقَاتِ وَالضَّرَبَاتِ وَخَيبَاتِ الأمل، لأنّهُ يُصَلّي وَيَتَعبَّد وَيَصومُ وَيُضيءُ الشُّموع، هوَ مَسيحيٌّ وَاهِم!



فَصَلاتُك وَتَعبُّداتُكَ، يجبُ أن تُعطيكَ مِنعةً أَمامَ الضّيقات، لا امتيازًا بِأنَّكَ مَحميٌّ وَبِمنأى عَنهَا! فَإِذا كان الْمُعلّمُ نَفسُهُ قَد تَألّمَ وَأُصيبَ، وَشعرَ بِالكَربِ والضّيق، فَمَن تَكونُ أَنت، لِتُعاتِبَ اللهَ وَكَأنّكَ صَاحبُ فَضلٍ عَليه، رافِضًا مَا يُصيبُكَ من مختَلَفِ الْمِحَن، وتَرى بِأنّهُ ظُلمٌ في حقِّك؟! العَذراءُ نفسُها، وهي أُمُّ الْمسيح الرّبِّ، قَدْ تَأَلّمَت، وَجَازَ في نفسِها سَيفُ الألم، وقَد قَبلتَ ذلِكَ بإيمانٍ وصَبرٍ، وَظَلّت قويَّةً وَاقِفةً حتّى النهّاية. لِذلكَ أَرى أنَّ الْمَسيحي الَّذي يَرفُضُ آَلامَهُ مُتَذمِّرًا على الله، هوَ مَسيحيٌّ بِلا إيمان!



﴿اِجتَهِدوا أنْ تَدخُلوا مِنَ البابِ الضّيق﴾. البَابُ هوَ الْمَدخَلُ الْمُؤَدّي إلى مَكانٍ آَخَر، مِن خلالِه نَنْتَقِلُ مِن مَوضِعٍ لآخر. فَمِن خِلالِ بَابِ البَيت، نَنتَقِلُ من خَارِجِهِ إلى داخلِهِ وَبِالعَكْس. وَحَتّى نَستَطيعَ الدّخولَ إلى البَيتِ الأبدي، لا بُدَّ لَنا أيضًا مِن عُبورِ البَاب، وَلَيسَ أَيَّ بَاب، بَل البَابِ الضَّيق! والبابُ الضَّيق لَيسَ شَيء بَل شَخص، هو الْمسيحُ عينُه، كَما يقولُ هو نفسُه في بشارةِ يوحنّا: ﴿أنا البَاب، فَمَن دَخَلَ مِنّي يَخلُص﴾ (يوحنّا 9:10) ! الْمسيحُ يا أَحِبّة هوَ بَابُنا الَّذي بِهِ نَنتَقِلُ مِنَ الْموتِ إلى الحياة! مِن دار الفَناءِ إلى حالةِ البَقاء!



وَلا عَجبَ أَنَّهُ بَابٌ ضيّق، فَالْمَسيحُ لا يَرضَى بِالحدِّ الأدْنَى مِنَ التَّلمَذَةِ وَالاتِّبَاع، بَل دَومًا يَطلُبُ الأعلَى، وَلِذَلِكَ اِتِّبَاعُه لَيسَ بالأمرِ السّهلِ والهيّن! طَلَبَاتُه، تَعَالِيمُه، وَصَايَاهُ، رَغَبَاتُه، إِرادَتُه، مَشيئَتُه، غَالِبًا مَا تُخالِفُ أَهوَاءَنا وَطُرُقَنا البَشَرِيّة، وَمُبتَغَى قَلْبِنَا وَمُنيَةَ عَقْلِنا. فَيَنشَأُ فِينَا صِراعٌ بَينَ الرّغبَةِ في اِتّباعِ الْمَسيح، والأمانَةِ لِوَصَاياه، والعَيشِ بحسبِ تَعَالِيمِه، وبينَ رَغباتِنا الإنسانيّة وَطِباعِنا وَردّاتِ فِعلِنا البَشَريّة، مِن غَضبٍ وَحِقدٍ وَثَأر، وَعَداوَةٍ وانتقامٍ وحسدٍ، بُغضٍ وَمَكرٍ وخُبثٍ وغِش...إلخ. وَهُنا يَحضُرني قَولُ بولسَ الرّسول، في رسالتِهِ إلى أَهلِ رومة: ﴿فالرّغبةُ في الخيرِ هي باسْتِطاعَتي، وَأَمَّا فِعلُهُ فَلا. لِأنَّ الخيرَ الّذي أُريدُهُ لا أَفعلُهُ، والشّرَّ الّذي لا أُريدُه إيّاهُ أَفعَل﴾ (رومة 18:7-19).



يَقولُ الرّبُّ في بِشَارةِ متّى: ﴿أُدْخُلوا مِنَ البَابِ الضّيق. فَإنَّ البابَ رَحْبٌ، وَالطّريقُ الْمُؤَدّي إلى الهلاكِ وَاسِع، وَالَّذينَ يَسْلُكونَهُ كَثيرون. مَا أَضيقَ البَابَ، وَأَحرجَ الطّريقَ الْمُؤدّي إلى الحياة، وَالَّذينَ يَهتَدونَ إليهِ قَليلون﴾ (متّى13:7-14). لا أحدَ مِنّا يُحبُّ الضّيقَ أو يَرغبُ بِه! كُلّنا نحبُّ الرّفاهيةَ والرّغَدَ وَالهَناء! وَمَع ذلك يَبقى كلامُ الْمَسيحِ واضِحًا بهذا الخُصوص، فَالطّريقُ إلى الحياةِ الأبدية لَيسَت سَهلَة، ولا مَزروعةً بُالورِود، ولا مَفروشَةً بالحرير، بَل هي حَرِجَة وَوعِرة وَشَاقّة، وَمُعبَّدَة بِالضّيقاتِ والصِّعاب! لِذلك مَن أرادَ أتّباعَ الْمَسيح بِصدقٍ وَأَمانَة، وَجبَ أَنْ يُهَيّئَ نَفسَهُ لِلْعُسرِ أَكثَرَ مِن اليُسْر، لِلْضّيقِ أَكثرَ مِن الفَرج، للانقِباضِ أكثرَ منَ الانبِساط... ولأنّنا بِطبيعتِنا نَكَرهُ ذَلِك، نَظلُّ عُرضَةً للسّيرِ في الطّريقِ الرَّحبِ وَالواسِع، ولكنّه الطّريقُ الغدّار الْمَؤدّي لِلهَلاكِ عندَ نِهايتِه. وهناكَ لا مجالَ للالتِفاتِ والعودَة إلى الوَراء، فَقَد فاتَ الأوان وقُضيَ الأمر!



البَابُ الْمَفتوح يَدعونا دومًا إلى الدّخولِ منهُ، وَاكتِشَافِ مَا يقبَعُ وَراءَهُ! لَكن حَذاري، إذْ لَيسَ كُلُّ بَابٍ يُؤدِّي إلى مَا هُوَ صَالِح، فَبَعضُ الأبوابِ قَد تُؤدّي بِنا إلى التَّهلُكَة! خُذوا على سَبيلِ الْمِثَال بابُ الْمُخَدّراتِ وَالتَّعاطي، بابُ الكُحولِ والسُّكرِ والإدمان والقِمَار، وغيرِها من الأبوابِ الّتي دَخَلَها الكَثيرون، فَأمسوا غَرْقَى في بحرٍ مِن الهلاك! وفي هذا الشّأنِ يَقولُ بولسُ الرّسولُ في رسالتِه الأولى إلى أهلِ قورنتوس: ﴿كُلُّ شَيءٍ يَحِلُّ لِي، وَلَكِن لَيسَ كُلُّ شَيء يَنفَع﴾ (1قورنتوس 12:6).



﴿اِجتَهِدوا أنْ تَدخُلوا مِنَ البابِ الضّيق﴾، وَلو بَدا في حينِهِ صَعبًا وَمُؤلِمًا ومُجهِدًا وثَقيلًا. فالّذي تَتَلَذّذُ بِه في بِدَايتَه، تراكَ قَد تَهضُمُ مَرارتَه وَحموضَتَهُ وَبَشَاعةَ مَذاقِه بَعدَ اِبتِلاعِه! فَقَبلَ دُخولِكَ البَاب، تَفَقَّد العُنوانَ جَيّدًا، وإن لم تعرِف، اِبْحَث عَمَّن يُساعِدُك وَيُرشِدُك، خَيرٌ لَكَ مِن الاكتواءِ بعدَها بِنِيرانِ الحَسرَةِ وَالتَّأسُّف!



يَا أَحِبّة، ما دُمْنَا في الحياة، فَبَابُ الخَلاصِ مَفتوحٌ أَمَامَنا، ونحنُ مَدعُوّن للدّخولِ مِنهُ صَوبَ الحياةِ الأبديّة. ولكِن مَتَى جَاءَ مَساءُ العُمرِ، وَخَيّمَ ظلامُ الْمَوتُ عَليكَ، فَلا تَقرع البابَ، فَإنّك عَبَثًا تَقرَع، والّذي أُغلِق لَنْ يُفتَحَ أبدا، إذ انتَهَى الوَقتُ الْمُحدَّدُ للدّخول. ولا تَثِق بقول الشّاعر: طَرَقتُ البَابَ حَتّى كَلَّ مَتني ... فَلَمَّا كَلَّ مَتني كَلَّمَتني! فَمَهمَا أَكثرتَ منَ الطَّرقِ وَالقَرعِ، لَن تجِد مَن يَفتَحُ لَكَ أَبَدًا!
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كرَم الرَّبّ ورضاه ونعمته هي الّتي فتحت أمامهم هذا البَاب


الساعة الآن 02:45 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024