قد أخبر القديس يوحنا كاتب سلم الفضائل عن واحدٍ من الرهبان الحسني العبادة أسمه كاركاريوس، انه كان من عادته مراتٍ كثيرةً أن يرتل قصائد وأشعاراً في مديح والدة الإله. وكل مرةٍ كان يشاهد أيقونةً ما خاصةً بها، فدائماً كان يسلم عليها بتلاوة السلام الملائكي. فهذا الراهب قد سقط فيما بعد طريحاً بمرضٍ ثقيل ذي ألمٍ شديد. حتى أنه من عظم أوجاعه كان يقرض شفتيه ولسانه بأسنانه، ولذلك ما عاد يقدر على النطق، وحصل في أنفاسه الأخيرة منازعاً. ولكن حينا كان الحضار يتوسلون من أجله منتظرين أنفصال نفسه من جسده، قد ظهرت له البتول المثلثة الغبطة وقالت له: أني أنما قد جئت إليك لكي أشفيك، لأني ما عدت أحتمل أن أراك معذباً بذاك الفم الذي به مدحتني كثيراً، فقم معافى وكن صحيحاً من مرضك، وداوم على مديحك إياي. قالت هذا ورشقته ببعض نقطٍ من حليبها. فحالاً برأ ونهض معافى. ولم يكف قد سائراً أيام حياته من مديحها. وأخيراً بكل سلامٍ وهدوٍ وعذوبةٍ عند موته سلم نفسه بيد سيدته سلطانة السماء.*