رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
قداسة البابا شودة الثالث كيف؟! نحن غالبًا ما نتفق في الأهداف، ولكننا نختلف في الوسائل! نتفق مثلا في لزوم الإصلاح، والتغيير إلى أفضل.. ولكننا نختلف في كيف نصل إلى هذا الإصلاح، وكيف يكون التغيير إلى أفضل!!؟ وكل نزاعنا وصراعنا يدور حول كلمة 'كيف'؟! وجوب حل المشاكل القائمة أمر يسعي إليه الكل. ولكن المشكلة الأهم هي كيف تحل هذه المشاكل؟! وهنا تتعدد وتتباين الآراء من المفكرين والسياسيين، ورجال الاجتماع والعلم.. والكل في حيرة وخلاف حول كلمة 'كيف؟' ليس عند الكل حل.. ثابت شاف يليق فحلول لفريق.. غير أخرى لفريق هناك أمور صعبة، لا نعرف كيف نصل إلى إجابة سؤال عنها. مثل مشكلة النسيان، وكيف نصل إلى نسيان أمور متعبة؟ وهنا اذكر قصيدة كتبتها منذ 54 عامًا عنوانها 'كيف أنسي' كانت بدايتها هكذا: سوف انسي اليوم والأمس وقد انسي غدًا وسأنسي فترة 'في العمر قد ضاعت' سدي غير أني سوف لا انسي سؤالًا واحد حين قال القلب يومًا في ارتباك كيف انسي؟ نعم، كيف ينسي الإنسان أمورًا دخلت إلى عمق أعماق تفكيره، ورسمت في ذاكرته وفي عقله الباطن وفي اللاشعور؟ كيف ينسي؟! أيضًا تدخل عبارة كيف؟ في التعامل مع الأمور المضادة كيف تتعامل أحيانًا مع أمرين أحلاهما مر؟! فتاة مثلا قد حملت سفاحًا، ولجأت إلى طبيب لإجهاضها. ويقف الطبيب أمام تحريم الإجهاض كجريمة قتل جنين وحرمان نفس من الحياة.. وبين ما تقابله هذه الفتاة من عار وفضيحة، وربما يلجأ أهلها إلى قتلها بحجة تلويثها لشرف الأسرة وهنا يقف الطبيب الذي لجأت إليه هذه الفتاة الخاطئة أمام سؤال صعب: كيف يتصرف؟! ومن دخول كلمة 'كيف' في الأمور الصعبة: قصة القط والفئران: زعموا أن قطًا متوحشًا كان يهجم علي مكان الفئران، فيفترس منها ما يشاء فاجتمع الفئران في مؤتمر لبحث مشكلتهم والوصول إلى حل لها. وهنا وقف فأر متحمس، وقال: أفضل الحلول هو أن نعلق جرسًا في رقبة القط. فإذا جاء إلينا يرن الجرس الذي في رقبته، فنحترس منه ونهرب.. وصفق الفئران الصغار فرحين بذكاء زميلهم.. علي أن فأرًا كبير السن مختبرًا وقف وقال: ما اذكي هذا الاقتراح المقدم لنا، ولكن كيف يمكننا أن نعلق الجرس في رقبة القط؟! واحتار الجميع في كيف يمكن الجمع بين الذكاء النظري والاستحالة العملية؟! وكثيرا ما تبرز كلمة 'كيف' في أمور أخرى تبدو مضادة..! * كيف يمكن الجمع بين القوة والوداعة؟ وكيف الجمع بين الحزم والعطف هنا نذكر بيتين في مدح احد الحكماء: يا قويا ليس في طبعه عنف ووديعا ليس في ذاته ضعف يا حكيما أدب الناس وفي زجره حب وفي صوته عطف وأيضًا يقف أمامنا السؤال: كيف الجمع بين البساطة والحكمة؟ لاشك أن الأمر يبدو صعبًا ويعاود الناس السؤال كيف الجمع بينهما إذن؟ ولعل هذا الجمع يكون ممكنًا إذا كان معني البساطة هو عدم التعقيد، وليس معناها السذاجة. فيمكن الجمع بين الحكمة وعدم التعقيد. سؤال آخر هو كيف الجمع بين الصراحة والمجاملة؟ الأمر يحتاج إلى قوة في الشخصية، مع البراعة في الأسلوب ليكون مقبولا ويحكي في ذلك أن هارون الرشيد كان في ليلة من الترف، وحوله جماعة من الشعراء سألهم أن يصفوا جمال تلك الليلة، فتباروا في مدحها وكان بينهم أبو العتاهية وهو من الشعراء الزاهدين وقد جلس صامتا فسأله الرشيد رأيه فأجابه بصراحة شجاعة: عش ما بدا لك هانئا في ظل شاهقة القصور فإذا النفوس تحشرجت ما بين خافقة الصدور فهناك تعلم موقفا ما كنت إلا في غرور وتقول القصة: فبكي الرشيد حتى ابتلت لحيته، وأجاب 'صدقت يا أبا العتاهية'.. سؤال آخر حول كلمة 'كيف'، وهو: كيف سلك البعض في مجال المال والكرامة والسلطة؟ وتتعدد أنواع الناس. فيقول إيليا أبو ماضي من جهة المال: لما صديقي صار من أهل الغني أيقنت إني قد فقدت صديقي ويقول الأستاذ مكرم عبيد 'باشا' عن عكس ذلك: 'الرجل الحق هو الذي يتطور دون أن يتغير ويكبر دون أن يتكبر ويحتفظ بثباته في وثباته'. ويقول القديس الأنبا انطونيوس: قد يوجد إنسان يمكنه أن يحتمل الإهانة ولا يقدر أن يتحمل الكرامة لان احتمال الكرامة أصعب من احتمال الإهانة. سؤال آخر من أسئلة كيف. وهو كيف يمكن الإجابة علي أسئلة حرجة؟ نقول بالذكاء والحكمة فيتكرر السؤال: وكيف؟ نضرب لذلك مثالين: * قيل انه في احدي المرات، قام أمير البلاد بزيارة احد كبار موظفيه المقربين إليه وفيما هو في بيت هذا الموظف سأل ابنًا ذكيًا له ليختبر ذكاءه. فقال له: بيت أبيك أعظم أم بيت الأمير؟! وكانت الإجابة محيرة: كيف يجمع بين إكرامه لأبيه وولائه للأمير! ولكن هذا الطفل أجاب بذكاء وقال 'مادام الأمير في بيتنا، يكون بيت أبي أعظم من بيت الأمير' وهكذا فيما يمتدح عظمة بيت أبيه، ارجع سبب عظمته إلى وجود الأمير فيه. * وفي احدي المرات سألوا احد الوزراء وكان كبيرًا في السن وأشيب الشعر: هل أنت اكبر أم السلطان؟ فأجاب علي هذا السؤال المحرج في ذكاء وقال 'فخامة السلطان هو اكبر مني ولكنني ولدت قبلًا منه'. يسألون أيضًا من جهة كلمة 'كيف': كيف يمكن التعامل مع المتصفين بالعناد ، ومع غير الطبيعيين في عقلياتهم وطباعهم وأعصابهم؟ ونجيب بأن الأشخاص العاديين قد يرون كيفية التعامل مع هؤلاء صعبة ولكنها بلا شك ليست صعبة مع الخبيرين بالنفوس والذين لهم طول البال والحكمة ويستطيعون أن يصلوا إلى المفاتيح التي يفتحون بها عقول غير الطبيعيين وطباعهم... أما كيف يمكنهم معرفة تلك المفاتيح فهذا سؤال يحتاج إلى إجابة طويلة، ليس الآن مجالها ولكنها ممكنة ومغلفة بكلمة 'كيف'. أمامنا أسئلة أخرى صعبة، نضع أمامها كلمة 'كيف؟' * كيف يواجه الناس الموت وبخاصة بعد بعض أمراض عديمة الشفاء؟ لاشك أن الناس يختلفون في ملاقاة الموت: ما بين مؤمن عاش حياة صالحة وهو مستعد للموت، وله رجاء في الحياة الأبدية السعيدة وهذا يختلف عن خاطئ يرتعب من الموت، وأمامه كل خطاياه بدون أن يقدم عنها توبة وثالث يفاجأ بالموت وقد خدعوه بان شفاءه قريب وانه سوف لا يموت .. مع حالات أخرى لا نعرف نفسياتها.. و مع نوع رابع يتشبث بالحياة وأمامه آمال لم يحققها بعد.. وخامس يكون عمق تفكيره فيمن سيخلفهم بعد موته من أبنائه وباقي أسرته. وسادس للأسف يكون تفكيره قبل موته في أمواله وممتلكاته التي سيتركها بعد أن تعب كثيرًا في تكوينها وجمعها. أمور أخرى صعبة تكتنفها كلمة 'كيف؟': * كيف يمكن أن يعيش المشوه والمعوق؟ بأية نفسية؟ * كيف يعيش اليائس الذي لا أمل أمامه. وكل بارقة أمل تعرض عليه يشعر باستحالتها عمليا وإنها مجرد تشجيع وهمي! * كيف يمكن تعزية قلب فقد اعز الناس إليه؟ وكل كلمات التعزية لن تعوضه عما فقده وقلبه يرفض العزاء!! كيف يحيا من قال عنه سليمان الحكيم 'إن جريت مع المشاة فأتعبوك، فكيف تباري الخيل؟! * أسئلة أخرى كثيرة تبدأ بكلمة 'كيف؟' أرى أن هذه الصفحة قد ضاقت عن استيعابها. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
قداسة البابا شودة الثالث| في العلم |
قداسة البابا شودة الثالث | العولمة |
قداسة البابا شودة الثالث | المعرفة |
قداسة البابا شودة الثالث الفضيلة |
قداسة البابا شودة الثالث قصص تدل على ذكاء |