رئيس الملائكة ومحبته لخدمة البشر
بسقوط آدم وحواء في العصيان لوصية الله، حزن السمائيون على بني البشر الذين خلقهم الله على صورته، فأفسدوها. لكن إذ يتحرَّك الله لخدمة البشر، ويُهَيّئهم لقبول التجسد الإلهي وذبيحة الصليب العجيبة، اشتاق السمائيون من جانبهم أن يخدموا البشرية التي يعمل الربّ نفسه على مصالحتهم بتجسده، وسفك دمه لخلاصهم.
يرى بعض الآباء أن أعمال رئيس الملائكة رافائيل سمح بها الله لكي يعدّ الطريق لقبول تجسد الكلمة الإلهي. فإن كان رئيس الملائكة في طاعة لله وفي حُبّ للبشرية نزل متخفيًا كأجيرٍ، كم بالأكثر خالقه كلي الحب يليق به أن ينزل إلى العالم متجسدًا كي يُقَدِّم نفسه ذبيحة حب عن العالم. "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" (يو 6: 13). لقد نزل كحارسٍ لطوبيا يُرافِقه في الطريق، وكطبيبٍ يشفي سارة مما حلّ بها بسبب الشيطان، ويشفي طوبيت من العمى. هكذا جاء ربّ رافائيل، السيد المسيح، القائل أنا هو الطريق حتى يعبر بمؤمنيه إلى حضن الآب. وقال عن نفسه: "لا يحتاج الأصحاء إلى طبيب بل المرضى" (مت 9: 12). ما فعله رئيس الملائكة إنما هو رمز وتهيئة لعمل الثالوث القدوس. وكما يقول العلامة أوريجينوس: [الصلاح الجوهري والمُطلَق هو عمل الآب والابن والروح القدس فقط.]