رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يقدم لنا الآباء تفاسير مختلفة للإيل الظمآن إلى مجاري المياه، نقتبس الآتي: لقد تصفحت سفر المزامير بأكمله بدقة شديدة فلم أجد بني قورح قد تغنوا بأي شيء في أي موضع، إنما تجد دائمًا نغمة الفرح والسعادة في أغانيهم، تجد ازدراءً بالعالميات والزائلات، وشوقًا حارًا إلى السمويات والأبديات، لأن ربنا قد صُلب ودُفن في موضع يُقال له "الجمجمة". إذن الذين يؤمنون بصليبه وقيامته هم بنو قورح، أبناء الجمجمة. إنها طبيعة الإيل ألا ترهب الحيَّات... إنها تجتذب الحيَّات للخروج من جحرها عن طريق أنفاسها الخارجة من منخارها، وذلك كي تقتلها وتمزقها إربًا. ومع ذلك فإذا ما سرى السم الخارج من الحيَّات وألهب جوفها، فإنه وإن لم يقتلها لكنه يجعلها في حالة ظمأ مُحرِّق، فتشتاق إلى جداول مياه صافية رطبة تطفئ نيران السم الذي سبب لها عطشًا هكذا. الآن نحن أيضًا مثا الإيل نشتاق إلى المياه الجارية. لقد انسحب إيلنا الصغير من مصر ومن العالم، وأهلك فرعون في المياه، وسحق جيشه كله في المعمودية. إذ يُقتل الشيطان (بالصليب في مياه المعمودية) تلتهب قلوبهم المملؤة غيرة نحو مياه الكنيسة الجارية، ويشتاقون إلى الآب والابن والروح القدس. جاء في سفر إرميا شهادة للآب كينبوع: "تركوني أنا ينبوع المياه الحية لينقروا لأنفسهم آبارًا، آبارًا مشققة لا تضبط ماء" (إر 2: 13). وفي موضع آخر نقرأ عن الابن أنهم قد تركوا ينبوع الحكمة، وأيضًا عن الروح القدس: "من يشرب من الماء الذي أعطيه أنا... يصير فيه ينبوع ماء ينبع إلى حياة أبدية" (يو 4: 14). القديس جيروم اركضوا إلى الجداول، توقوا إلى جداول المياه، إلى الله ينبوع الحياة، الينبوع الذي لا يجف أبدًا، الينبوع الذي من يشرب منه يروى الظمأ الداخلي.اركضوا إلى الينبوع، اشتاقوا إليه، لكن لا تفعلوا هذا كيفما اتفق، لا تكتفوا بالجري كأي حيوان عادي، بل اركضوا كالإيل... ماذا يعني "كالإيل"؟ أي لا تتكاسلوا في رُكوضكم. اركضوا بكل قواكم؛ اشتاقوا إلى الينبوع بكل قدرتكم، فإننا نجد في الإيل رمزًا للسرعة... اسمعوا أيضًا ما تتميز به الإيل، إنها تقتل الحيَّات، وبعد قتلها تتقد عطشًا بصورة أشد. وإذ تنتهي من قتل الحيَّات تركض إلى جداول المياه حيث تشتد وطأة عطشها أكثر من ذي قبل والحيات هي رذائلكم؛ دمروا حيَّات الشر فتشتاقون بالأكثر إلى ينبوع الحق... ومن ثم أمر آخر جدير بالملاحظة بالنسبة للإيل... فإنها إذ تجول كقطيع أو تسبح (في الماء) لكي تبلغ منطقة أخرى من الأرض، تسند ثقل رؤوسها على بعضها البعض بحيث يقودها واحد ويتبعه الآخر، وقد ألقى الكل رؤوسهم عليه بالتتابع حتى آخر القطيع. لكن إذا ما تعب القائد الذي يحمل أثقال الرؤوس يعود إلى المؤخرة ويستريح من تعبه إذ يسند رأسه على الآخير... أليست الإيل بهذا تشبه أولئك الذين قال عنهم الرسول: "احملوا بعضكم أثقال بعض، وهكذا تمموا ناموس المسيح" (غلا 6: 2)؟! القديس أغسطينوس الله بالحق هو الينبوع؛ ليت ذاك الذي يتوق إلى هذا الينبوع يسكب نفسه عليه، فلا يترك شيئًا فيه لملكية الجسد، بل تفيض نفسه (بالحب) في كل موضع.القديس أمبروسيوس * لتعطش نفوسنا إليه، قائلة: "متى يجيئ؟!"... إنك تشتاق إلى قدومه، ألعله يجدك مستعدًا؟!القديس أغسطينوس كثيرون من الناس عطشى: الأبرار والخطاة أيضًا. الأولون عطشى إلى الحق، والآخرون إلى الملذات. يعطش الأبرار إلى الله، والخطاة إلى الذهب.قيصريوس أسقف آرل الإنسان الذي يشرب بعمقه من هذا الخمر ويُحرم منه بعد ذلك، هو وحده يُدرك قيمة ما حُرم منه بسبب تراخيه.مار إسحق السرياني إن كنا نُعاني من الحيَّات الداخلية ليتنا لا نستسلم لسمومها، بل بالأكثر نُجاهد ضدها بروح الله الساكن فينا، فيلتهب قلبنا حبًا نحو مخلصنا، مشتاقين أن نتراءى أمامه. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|