رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
صلاح الرب والمسؤولية الأخلاقية ينكر النقاد فكرة أن العهد القديم موحى به لأن وصية الرب بدمار الكنعانيين تتنافى مع صلاحه فيبدو للبعض أن هذه الوصية تسهم في زيادة غموض مسألة وجود الشر وصلاح الرب. يقول ر. أ. توري في هذا السياق: “أشياء قليلة في الكتاب المقدس قد تستوقف القارئ الذكي وتجعل الملحدين يتفاخرون مثل وصية الرب بفناء بعض الشعوب.” يكمن التحدي العظيم للقارئ المعاصر في أن هذه الوصايا تعزو صفة الشر لإله صالح وخير. بمعنى آخر، هل يمكن لإله العهد القديم الذي يوصي بمثل هذه الوصايا أن يكون هو نفسه الآب الذي يقول ابنه “أحبوا أعداءكم وصلوا لأجل الذين يضطهدونكم لكي تكون أبناء أبيكم الذي في السموات”؟ (متى 5: 44-45). قبل أن نتطرق لطبيعة الوحي بنصوص العهد القديم المذكورة أعلاه، علينا أولا أن نعرف مفهوم “صلاح الرب” الذي ينطوي على عدة أوجه ليست بالبساطة التي يظنها المشكك العادي. يقدم ميلارد. ج. إريكسون تعريفا استثنائيا حيث يقول إن “النقاء الأخلاقي” للرب والذي يشكل عنصرا من “صلاح الرب” يتضمن الأبعاد التالية: القداسة، البر، والعدل. والعدل يرتبط بطبيعة الرب الصالحة وسيتم معالجته في الجزء التالي من المقال في حين أن هذا الجزء سيناقش قداسة الرب وبره. إن القداسة هي أولى نواحي النقاء الأخلاقي للرب والتي يصفها إريكسون بأنها تتضمن ما “دعاه لويس بيركفوت بجلال وقداسة الله.. والنواحي الأخرى من قداسته.. كنقائه المطلق وصلاحه.” بما أن يهوه هو الرب القدوس، لا يمكنه التسامح مع الشر. كما يقول النبي حبقوق للرب عينان: “أَطْهَرُ مِنْ أَنْ تَنْظُرَا الشَّرَّ، وَلاَ تَسْتَطِيعُ النَّظَرَ إِلَى الْجَوْرِ” (حبقوق 13:1). كما أن يسوع يعلن أنه في يوم الدينونة الأخير أولئك الذين ارتكبوا الشر سوف يخرجون إلى “قيامة الدينونة.” الجانب الثاني من من نقاء الرب الأخلاقي يتعلق ببر الرب الذي يصفه إريكسون بأنه: “قداسة الله فيما يختص بعلاقته مع الكائنات الأخرى.” ولكن إن كان هذا هو الحال، فهل ناقض الرب قداسته بعد أن أمر بفناء الكنعانيين؟ لا يبدو هذا الأمر وارداً إن ارتكب الكنعانييون الشرور وكانوا مدركين لشرهم. سوف يتوسع الجزء المقبل من المقال في الحديث عن شرور الكنعانيين بالتطرق إلى العدالة. بما أن الرب قدوس وبار، على المرء أن يستاءل: إن ارتكب الكنعانييون شرور عظيمة فهل يا ترى “كانوا على دراية بما يفعلون؟” يظهر القديس بولس أن: “غَضَبَ اللهِ مُعْلَنٌ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى جَمِيعِ فُجُورِ النَّاسِ وَإِثْمِهِمِ، الَّذِينَ يَحْجِزُونَ الْحَقَّ بِالإِثْمِ. إِذْ مَعْرِفَةُ اللهِ ظَاهِرَةٌ فِيهِمْ، لأَنَّ اللهَ أَظْهَرَهَا لَهُمْ.” (رومية 1: 18-19) وبالتالي فإن جميع الشعوب تخضع لحساب الرب. ويشير بول كوبان أن الكنعانيين أعطوا وقتا كافيا لتغيير مسلكهم. “بناءا على النص الكتابي، كان يهوه مستعدا للانتظار 430 عاما…بمعنى آخر، في أيام إبراهيم لم يكن الزمان قد حان بعد لمحاسبة الكنعانيين. لم تحن الساعة لطردهم ولكي “تقذفهم الأرض.” (لاويين 18: 25). يمكن بالتالي الوصول للخلاصة إلى أن الكنعانيين لم يكونوا مدركين فحسب لأفعالهم (وهم لذلك أشرار حقا) لكنهم منحوا فرصا عدة لتغيير سلوكهم. يهوه يظهر حكما على أنه إله المغفرة فقد غفر لأهل نينوى بعد توبتهم بحسب سفر يونان. بناءا على الأدلة المطروحة، فإن الكنعانيين كانوا مسؤولين عن زوالهم. تطرق القسم السابق إلى أول صفتين في نقاء الرب الأخلاقي والقسم المقبل سيعالج الصفة الثالثة: عدالة الله. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
المسؤولية القانونية والمسؤولية الأخلاقية |
الصفات الأخلاقية لله |
صلاح... صالح هو الرب |
وأعلن أنني سأرى صلاح الرب |
ما هي النسبية الأخلاقية؟ |