رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المسيحية ونظام الرق: عالجت المسيحية مشكلة "نظام الرق" بطريقة موضوعية، إذ لم تشأ إثارة العبيد ضد سادتهم، الذين كانوا يمثلون في المملكة الرومانية نصف تعدادها، ويذكر بليني أن أحد الأثرياء الرومان يدعى كلوديوس إسيدورس في أيام أغسطس ترك بين ممتلكاته 4116 عبدًا . إنما طالبت العبيد بالطاعة (أف 6: 5-8، كو 3: 22-25، 1 تي 6: 1-2؛ 1 بط 2: 18-21)، كما أنها آمنت حتى بإمكانية تأثير العبد على سيِّده خلال الحياة المقدسة في الرب. فلا نعجب إن رأينا القديس يوحنا الذهبي الفميقول لحاضري اجتماعاته: [إن كل واحد منهم يُعلِّم الذين في الخارج أنه كان في صحبة السيرافيم، فالأب يُعلم ابنه والأم ابنتها، وأيضًا العبد سيِّده]. عملت الكنيسة على إعادة العبد الهارب إلى سيده فليمون، لكي يحرره بإرادته ويعفو عنه دون ضغط أو إلزام. لقد بدأ نظام الرق ينهار من جذوره، وكان ذلك أحد الأسباب الرئيسية لهياج الدولة الرومانية على الكنيسة المسيحية ، أما سرّ انهياره فيكمن في الأسباب التالية: أ. ألزمت الكنيسة أولادها أن يعاملوا العبيد إخوة لهم (1 كو 7: 21-22، غل 3: 28؛ كو 3: 11). ولا ننسى أن السيِّد المسيح قد أُسلم مقابل ثلاثين من الفضة كأنه بيع كعبد، فدخل إلى زمرة العبيد، ولم يأنف منهم بل قدّس حياة المؤمنين منهم. ب. إن كان الرسول بولس قد ردّ العبد الهارب أنسيموس إلى سيِّده فليمون، فقد بعث معه برسالة تُعتبر أروع ما يمكن أن يُكتب من رسول بخصوص عبد هارب، إذ يلقِّبه "ابني أنسيموس، الذي ولدْته في قيودي، هو أحشائي، اقبله نظيري". كما جاء في الرسالة "لأنه ربما لأجل هذا افترق عنك إلى ساعة لكي يكون لك إلى الأبد، لا كعبد فيما بعد بل أفضل من عبد أخًا محبوبًا ولا سيما إليَّ". ج. إذ عاش بعض السادة بروح الإنجيل التزموا بتحرير عبيدهم بواعز داخلي، دون وجود أمر صريح بذلك. د. كثيرون ممن كانوا عبيدًا نالوا رتبًا عالية أو كرامة كنسية سامية، من هؤلاء من هم شهداء مثل بلاندينا وبإبليس وفليكتاس، الذين كانت تذكرهم الكنيسة كأبطال إيمان(311). ومن العبيد أيضًا صار أسقف مثل أنسيموس تلميذ القديس بولس، إذ صار أسقفًا على Borea بمكدونية(312)؛ وكالستوس أسقف روما في القرن الثالث. ه. شجعت الكتابات الكنسية الأولى على انهيار هذا النظام، نذكر على سبيل المثال ما جاء في الديداكية: [لا تنتهر (بمرارة) عبدك أو أمتك اللذين يترجيان الله إلهك، لئلا يفقدا مخافة الله، الذي هو فوق الكل، وليس عنده محاباة الوجوه]. يقول القديس إكليمنضس الإسكندري: [العبيد هم أناس مثلنا(314)]. ويقول الأب لاكتانتيوس: [العبيد ليسوا عبيدًا لنا، لكننا نحسبهم إخوة في الروح، وهم عبيد شركاء معنا في الدين(315)]. كما جاء في كتابات القديس أغناطيوس الأنطاكي: [لا تحتقر العبيد، ولا تدعهم ينتفخون في كبرياء، بل بالحري يتضعون لأجل مجد الله]. واعتبر القديس أغسطينوس أن ظهور العبودية إنما هو ثمرة الخطية، فإن المقاصد الإلهية لا تقبل أن يملك إنسان على زميله الإنسان ويسيطر عليه . ونادى القديس يوحنا ذهبي الفم بذات الفكرة، حيث قال: [إن العبودية ظهرت فقط حينما سقط كنعان تحت اللعنة (تك 9: 25)]. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
موسى واليهودية ونظام الرق |
موسى والوثنية ونظام الرق |
الكتاب المقدس والحياة المسيحية |
الكتاب المقدس هو سر قوة المسيحية |
الكتاب المقدس هو سر قوة المسيحية |