يقول العلامة أوريجانوس:
[أثناء إقامته في مصر عندما تعلم بكل حكمة المصريين (أع 7: 22) لم يكن موسى ثقيل الفم واللسان، إذ كان يستخدم البلاغة حين يتحدث عن نفسه. كان في عيني المصريين الصوت المجلجل وصاحب البلاغة التي لا تُقارن. غير أنه إذ سمع صوت الله والوصايا الإلهية شعر أنه أخرس، وذلك حينما بدأ يدرك الكلمة الحقيقي الذي كان عند الله في البدء (يو 1:1). لتسهيل ذلك استخدم التشبيه التالي: أمام الحيوانات غير العاقلة يبدو الإنسان عاقلًا حتى وإن كان غير مثقف وغير متعلم فيظهر أنه بليغ، لأنه ليس للحيوانات صوت ولا عقل. لكنه إذا قورن بعلماء وأصحاب بلاغة يتكلمون بكل أنواع الكلام فيظهر عقيمًا وأخرس. هكذا حينما تتأمل كلمة الله ذاته وترفع عينيك نحو الحكمة الإلهية ذاتها، فإنه مهما كان عملك وحكمتك فستعترف أمام الله أنك كالحيوان الأخرس، بل وأكثر منه. هذا هو الشعور الذي انتاب داود الطوباوي نفسه حين قارن نفسه في ميدان الحكمة الإلهية فتال "أنا بليد ولا أعرف، صرت كبهيم عندك" (مز 22: 27). هذا ما قصده موسى أعظم الأنبياء بقوله "أنا ثقيل الفم واللسان" لا أقدر على الكلام. بالمقارنة مع الله الكلمة يصير الناس جميعًا ليس فقط بلا بلاغة بل وخرس].