لا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُبْطِلَ الشَّريعَةَ أَوِ الأَنْبِياء ما جِئْتُ لأُبْطِل، بَل لأُكْمِل.
" لأُكْمِل" في النص اليوناني الأصلي πληρῶσαι. (معناه يُحقِّق نبوءة (متى 1: 22) او ملأ (متى 13: 48) فيشير هنا الى المعنى الثاني. فلم يكتفِ يسوع بتحقيق النبوءة، بل أراد ان يبلغ بها الى كمالها بتفسيرها وايضاح معناها الروحي وبتعاليمه وافعاله ومثاله وطاعته (غلاطية 4: 4) وموته عنا.
ويُعلق القديس يوحنا الذهبي الفم " لقد أكمل يسوع الأنبياء بقدر ما أكّد بأعماله كل ما قيل عنه، فقد اعتاد الإنجيلي أن يقول في كل حالة: " كانَ هذا كُلُّه لِيَتِمَّ ما قالَ الرَّبُّ على لِسانِ النَّبِيّ (متى 1: 23)"؛ لقد أوصل يسوع الشريعة الى كامل مدلولها، فلم يتوقف عند مستوى اعتراف خارجي وطاعة شكلية للشريعة، بل أعادها الى مبادئها الأساسية وفرائضها. وبذلك أعاد الى الشريعة معناها الحقيقي، فبلغت كمالها الجذري وبساطتها الاصلية (متى 5: 20). وأكمل يسوع الشريعة أيضا في حياته بحفظها الى التمام، وفي تعليمه بنشر مبدأ المحبة الذي يكمّل الشريعة كما جاء في تعليم بولس الرسول "فالمَحبَّةُ لا تُنزِلُ بِالقَريبِ شرًّا، فالمَحبَّةُ إِذًا كَمالُ الشَّريعة (رومة 13: 10)، كما ان الايمان، كمال الشريعة، كما جاء في تعليم بولس الرسول "أَفَتُبطِلُ الشَّريعةَ بِالإِيمان؟ مَعاذَ الله! بل نُثبِتُ الشَّريعة" (رومة 3: 31). وأكمل المسيح الشريعة اخيرا بموته، إذ بموته استنفذ عقوبة الناموس على البشر "فصارَتِ الشَّريعَةُ لَنا حارِسًا يَقودُنا إِلى المسيح لِنُبَرَّرَ بِالإِيمان" (غلاطية 3: 24) هكذا "غايَةُ الشَّريعةِ هي المسيح، لِتَبْرير ِكُلِّ مُؤمِن" (رومية 10: 4).