جهود البابا أوربان الثاني وعودة الصراع مع الإمبراطور
- أخذ أوربان الثاني Pope Urban II يجوب البلاد يدعو لسلطة البابا على الكنيسة وتقويه جانبها، ومما دعم موقفه إعلانه الحرب الصليبية على المسلمين في عام 1065 في مجمع عقده في كليرمونت، فجعل من الكنيسة زعيمه فعلية للعالم المسيحي في هذا الصراع الذي امتد لسنوات ضد المسلمين.
- كما عمل علي توطيد مركزه في إيطاليا وتصفيه مشكلاته مع نورمان جنوب إيطاليا وتوفي فجأة في 1099 ومات بعده البابا الإمبراطوري كلمنت الثالث.
عودة الصراع بين البابا الجديد والإمبراطور:
حاول الإمبراطور هنري الرابع Henry IV تسوية الخلاف مع الكنيسة إلا أنه وجد أن الشروط التي وضعها البابا أوربان جعلت الصلح يتعذر لأنها كانت في صف الكنيسة أكثر، كما أصدر البابا الجديد باسكال الثاني قرار بحرمانه من رحمه الكنيسة، فاستسلم هنري الرابع وترك العرش لابنه ومات في 1105.
وفي عهد الإمبراطور الجديد (هنري الخامس) شب الصراع من جديد حول التقليد العلماني انتهت بشروط عرضها البابا عليه وكانت:
- تتنازل الكنيسة عن كل مالها من أراضى وحقوق إقطاعية وقضائية حصلت عليها أيام شارلمان.
- تكتفي الكنيسة بالعشور والتبرعات الخيرية.
- في مقابل ذلك تنتهي مصلحه الإمبراطور في التمسك بتقليد الأساقفة (التقليد العلماني) علي أن يعود هذا الحق للبابا وحده.
وفي هذا يتضح مدي تضحية الكنيسة بالماديات في سبيل الحقوق الروحية، وكان من الطبيعي أن يقبل الإمبراطور هنري الخامس هذا العرض الذي يعطيه ملكيه أراضى الكنيسة وأملاكها الواسعة، ولكن خرجت مشكله أخري نتيجة لهذا، وهي موقف الأساقفة ورجال الكنيسة الذين كانوا أمراء إقطاعيين وعاشوا على مستوي الأمراء في حياتهم الخاصة فقاموا بمظاهرات كبيرة في روما في كنيسة القديس بطرس وقتل الكثير من الشعب وقبض على عدد من الأساقفة بمعرفة ملك ألمانيا وتدخل هنري الخامس من جديد وتنازل البابا عن هذا الحق الروحي ليعود التقليد العلماني مرة ثانية إلى يد الإمبراطور.
إلا أن هذا الوضع لم يرض أراخنة الكنيسة فثاروا على البابا، فلم يسعه إلا أن ينقض وعده واتفاقه، فانقسمت الكنيسة على نفسها أمام قوي الأباطرة والأمراء وفر البابا تحت هذه الضغوط إلى جنوب إيطاليا ومات هناك في 1118.
ولما تولي بعده البابا كالكتس الثاني في 1119 عقد مجمعًا دينيًا في ريمس وتفاهم الإمبراطور الذي كان قد مل هذا الصراع، وبذلك أخذ الطرفان يبحثان عن حل توفيقي للمشكلة، وأظهر البابا للإمبراطور أن هدف البابوية ليس إضعاف الإمبراطورية وتقليل شأنها وإنما تعظم قدرها وتقويه نفوذها، وبهذا عقدت بينهما اتفاقية ورمز worms في سنة 1122.
ونصت علي أن يكون انتخاب الأساقفة ورؤساء الأديرة خارج ألمانيا وفق القانون الكنسي دون أي تدخل من جانب السلطة العلمانية، وبعد الاحتفال بتقليد الأسقف دينيًا يستطع الإمبراطور أن يكلفه أو يزوده بأية سلطة، أما في ألمانيا فيكون اختيار الأساقفة عن طريق الانتخاب، وللإمبراطور أو مندوبه حق حضور عمليه الانتخاب دون الالتجاء إلى السيمونية أو العنف، وبعد أن يتم انتخاب الأسقف قانونيًا يقلده الإمبراطور علمانيًا قبل تقليده دينيًا.
هكذا وضعت هذه الاتفاقية حدًا للنزاع حول التقليد العلماني، أنهت الدور الأول من أدوار النزاع بين السلطتين الدينية والسياسية في أوروبا.