منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 20 - 08 - 2012, 10:48 PM
الصورة الرمزية روشا الفرفوشه
 
روشا الفرفوشه Female
..::| مشرفة |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  روشا الفرفوشه غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 36
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : طفله كبيره
المشاركـــــــات : 26,618

البابا لم يعد معنا

بقلم: سامي يعقوب

(نُشر بجريدة وطني بتاريخ 25 مارس/ أذار 2012)
وسبقنا البابا شنودة للقاء حبيبه الرب يسوع الذي جاهد كل أيام حياته لأجل الإيمان به.. الجهاد الذي يستحق أن نحارب جميعًا من أجله.. فقد جاهد في رهبنته راسخًا في الإيمان، وجاهد مع السلطات نيابة عن كل أقباط مصر، وجاهد ضد التهور حتى يحفظ وحدة الأمة.. ووقف بلا مساومة ضد كل المطالبات التي تناقض الحق الإلهي المعلن في كلمة الله. كذلك قاوم التعاليم الكاذبة، ودعم نشر وتوزيع الإنجيل.. وهكذا أكمل جهاده وسط تحديات أحاطت به في الداخل وجاءته من الخارج، وحتى في أشد الأوقات قسوة، وبينما أصاب الإحباط كثيرين بسبب الضيق والضغوط، لم يساوم البابا شنودة ولا للحظة واحدة على الحق المعلن في الإنجيل. وأخيرًا نال إكليل البر، وانضم إلى زمرة القديسين السمائيين.. حيث لا يوجد موت ولا حزن ولا صراخ ولا وجع.. أبعد هذا نظل نبكي رحيله؟

لعلي أفهم مشاعر الحزن التي غمرت الجميع مع خبر رحيل البابا، وقد بكيت مع الباكين حزنًا لفقدانه.. وقد تسمرت لأوقات طويلة أتابع ما يقوله الناس مسلمون ومسيحيون عن البابا، وفي لحظات كنت أتخيله يقاطع كل هذه الأحاديث ويطل علينا بوجهه البشوش، وابتسامته التي لم تفارقه أبدًا.. لكنه كان قد عبر النهر إلى الجانب الآخر! ثم تذكرت حديثًا لراعي كنيستي في صعيد مصر سمعته منذ عشرات السنين، وتفاعلت معه بمشاعر متضاربة! فقد استخدم الراعي قصة معجزة إقامة لعازر ليقدم تعزية لأسرة في الكنيسة فقدت بالموت حبيبًا.. وقد وجدت نفسي آنذاك أتجاوب مع مشاعر الرب يسوع وقد فاض قلبه بالحزن، وتوجعت نفسه داخله لموت صديقه لدرجة أنه "بكى" (يوحنا ١١: ٣٤و٣٥). لكني أعترف أنني لم أفهم قول المسيح: "لعازر مات وأنا أفرح لأجلكم أني لم أكن هناك؛ لتؤمنوا!" لقد بدا لي آنذاك ربما بسبب صغري وقلة خبرتي أن هناك تناقضًا بين بكاء يسوع وفرحه !

رحيل البابا في هذا التوقيت، وما صاحبه من مشاعر فياضة لكل أهل الوطن.. حركني لأعود مرة أخرى إلى ما كنت أظنه تناقضًا؛ فوجدت ما يعزيني ..

الخيط الذهبي في معجزة إقامة لعازر مربوط بكلمة "لتؤمنوا".. بأي شيء نؤمن بينما يأخذ عدونا الموت أحباءنا؟ نؤمن بأن المسيح هو "القيامة والحياة.. ومن يؤمن به ولو مات فسيحيا، وكل مَنْ كان حيًا وآمن به فلن يموت إلى الأبد" (يوحنا ١١: 25, 26). ويحكي الرسول يوحنا أن مرثا التي مزقها الحزن لموت أخيها، والتي كانت تعاتب السيد من لحظات "يا سيد.. لو كنت ههنا لم يمت أخي"، عندما أدركت ما يقصده المسيح بقوله "لتؤمنوا" قالت له: "يا سيد أنا قد آمنت أنك أنت المسيح ابن الله، الآتي إلى العالم" (عدد 27) .

لقد مات "أسد الكرازة"، كما لقبته الغراء "المصري اليوم".. فهل يمكن أن نفرح؟ نفرح لأن في انتقاله تذكيرًا لنا جميعًا أن الموت الجسدي ليس نهاية مأساوية لقصة العمر، بل هو الباب الذي يؤدي للشركة الأبدية مع إلهنا الحي.. نفرح لأجل الشهادة الرائعة عن الإيمان المسيحي التي لم يكن أحد يتخيل أن تقدم على كل القنوات المحلية والفضائية، والتي جاءت على غير توقع، ودخلت كل بيت، وحركت قلوب الأحباء فتعاطفوا مع أحزاننا، وكشفت القلوب المملوءة بالكراهية ففضحت حقيقة إيمانهم.. أليس هذا موسمًا فيه نفرح! نفرح لأجل من جاءوا للإيمان من خلال رسائل وأشعار وكلمات البابا التي فاضت من كل قناة محلية وفضائية، والتي بلا شك قدمت رسالة المسيح الحي نفسه ربما لملايين لم يكن تتاح لهم فرصة سماع ما يعمله الروح القدس في حياة مؤمن مسيحي مثل البابا شنودة، فيؤمنوا!

من أطرف ما سمعت من تعليقات على وفاة البابا.. أنه في الوقت الذي ترفع أسماء "المخلوع" من شوارع مصر، تقرر محافظة الأسكندرية إطلاق اسم البابا شنودة على أحد شوارعها الرئيسية. ومن أعجب ما رأيته أن قوات الجيش التي أحاطت يومًا بدير الأنبا بيشوي بوادي النطرون لتحديد إقامته هي نفسها التي أحاطت به يوم الثلاثاء الماضي تكريمًا له في يوم دفنه! ما أعجب أحكام الله وتدابيره.. فهي مصدر فرح لكل مَنْ يؤمن !

بقي أن أقول أن هذه الأيام هي أفضل الأوقات لكل أسرة أن تتحدث مع أبنائها عن حقيقة الموت، ووعد القيامة. فمن الطبيعي أن يصارع الصغار مع معنى الموت.. فهم لا يفهمون ما يحدث، وكثيرًا ما تحرص العائلات على تجنيبهم التعرض للجنازات، أو استثنائهم من حضورها.. وأنا أعتقد أن مثل هذا السلوك يولد الخوف أكثر لدى الأبناء، ويجعلهم مع الوقت لا يستطيعون الربط بين محبة الله وسماحه بموت أحد أفراد العائلة، خاصة لأن البعض خطأ يستخدمون لتعزيتهم تعبيرات مثل: "ربنا أخذه" أو "راح عند بابا يسوع!" فيكبرون وفي داخلهم أن يسوع يأخذ منهم مَنْ يريدون أو يحتاجون لأن يبقى معهم.. فماذا نفعل إذن؟

لننتهز فرصة هذه الأيام لنحكي مع أبنائنا أن الموت بالجسد ضرورة بغض النظر عن عمر الذي يموت.. لكنه ليس نهاية لقصة الحياة بل بداية لحياة أبدية أروع مما يمكن أن توصف. ربما لا يحتاج الأبناء إلى شرح لاهوتي لحقيقتي الموت والقيامة بقدر ما يحتاجون لأذرع تلتف حولهم في حنان، وتساعدهم على تذوق وفهم أن الحياة هنا على الأرض طالت أو قصرت مملوءة بالتعب والبلاء.. من أجل هذا مات المسيح نفسه لينتصر على الموت، ويُعطينا حياة بقيامته من الأموات. أثق أن الحوار المفتوح مع الأبناء سيتيح لهم فرصة التعبير عن مخاوفهم فنطمئنهم، ويفتح قلوبهم لعمل الروح القدس فيهم ليعزيهم ويشجعهم، فيكبرون في طمأنينة أن الموت ربح وليس خسارة مادمنا نموت في المسيح .
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
أن الله يبدأ معنا ما هو صالح، ويستمر معنا فيه، ويكمله معنا
عمل الملائكة معنا: البابا شنودة
البابا شنودة الثالث وابونا فلتاؤس شفاعتهم تكون معنا
شفاعة البابا كيرلس السادس تكون معنا
البابا تواضروس يجب أن نحب كل الناس حتى الذين يختلفون معنا


الساعة الآن 09:03 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024