رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
(يو1:1-18)
المسيح الأزلي صار جسدًا "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ." آية (1): "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ." هذه الآية تحمل طابع الإملاء الإلهي وليست من وضع بشر (ذهبي الفم) أغسطينوس وهذه الآية من 3 مقاطع يتكرر فيها اسم الكلمة وفعل كان الدال على الكينونة وليس على الزمن. والثلاث مقاطع في هذه الآية تحدثنا عن الابن الكلمة في أزليته وبمقارنتها بالآية (14) والكلمة صار جسدًا وحل بيننا نجد مقابل لكل مقطع من المقاطع الثلاث ولكنها تشير لتجسده. * في البدء كان الكلمة - والكلمة كان عند الله # وكان الكلمة الله = كينونة أزلية دائمة والبدء يشير للأزل كان = تشير للكينونة = الكلمة حالٌ في الله لكن في تمايز. كل له عمله وشخصيته لكنهم واحد = جوهر واحد مع الله أي في طبيعة الله. * صار - حل بيننا # صار جسدًا = أي دخل الزمن في ملء الزمان = حل وسط الناس = صار في طبيعة الإنسان دون أن يترك طبيعته الإلهية. هذه الآية تشير لأن المسيح هو الله وهو موجود منذ الأزل ولا ينفرد بوجوده من دون الله، بل هو كائن في الله، كما يوجد العقل في الإنسان، وكما توجد الكلمة في عقل الإنسان. إذن هو ليس مخلوقًا. ولذلك حين ظهرت الكلمة إلى الوجود (أو ظهر الكلمة إلى الوجود بالتجسد) كان المسيح يستعلن الله لنا. فِي البَدْءِ = الديباجة التي بدأ بها يوحنا إنجيله تذكرنا بديباجة سفر التكوين فبينهما أوجه تشابه وأوجه تباين. ومن أوجه التشابه أن الديباجتين تبدآن بكلمة واحدة "في البدء" وفي العدد الثالث من كل منهما تتجلى لنا علة الخلق أي مبرر الوجود:- (تك3:1): "قال الله" قال ليست مجرد كلمة تقال ولكنها تشير للقوة الخالقة اللوغوس. وقال الله أي قال بكلمته الذي خلق كل شيء. راجع المقدمة. (يو3:1): كل شيء به كان (أي بالكلمة) الكلمة اللوغوس الخالق كل شيء. أي أن مبرر الوجود في سفر التكوين وفي إنجيل يوحنا هو اللوغوس. وفي (تك2:1-3) نسمع عن الحياة والنور وهكذا في (يو4:1) . وأما عن أوجه التباين فإن موسى ويوحنا التقيا معًا عند كلمة في البدء ثم إنحدر موسى متمشيًا مع التاريخ حتى حدثنا عن المخلوقات. وإرتقى يوحنا صاعدًا حتى أرانا من هو علة الخلق. مثلهما مثل شخصين التقيا عند نقطة في نهر، ثم انفصلا. فمضى أولهما متتبعًا مجرى النهر حتى بلغ مصبه وارتقى ثانيهما إلى أعالي النهر حتى اكتشف منبعه. لذلك فهم البعض أن كل منهما، موسى ويوحنا، قصد شيئًا مختلفًا بكلمة "في البدء" فالبدء في مفهوم موسى هو بدء الخليقة ولكن البدء عند يوحنا هو البدء المطلق الذي عنده يتوقف فكر الإنسان، هو البدء السابق للزمن قبل كون العالم (يو5:17+24) في البدء هنا هو الأزل أي الذي لا بداية له ، وباليونانية أرشي αρχή أي ما قبل الزمن. ففي بدء أي بداية أي شيء وأي زمن كان المسيح كائن. البدء في إنجيل يوحنا هو ما قبل الخلق وما قبل الزمن، وليس قبل الخلق إلا الله. أما البدء في سفر التكوين فهو بدء الزمن. وبداية إنجيل يوحنا تتشابه مع بداية سفر التكوين، لأن سفر التكوين يتحدث عن الخليقة الأولى، وإنجيل يوحنا يتكلم عن الخليقة الجديدة. لذلك يذكر هنا أنه به كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء مما كان، فبه وفيه ستكون الخليقة الجديدة. والمسيح هو بدء الخليقة الجديدة. فالعهد القديم يبدأ بالخليقة الجسدية، والعهد الجديد يبدأ بالتجسد والخليقة الجديدة. العهد القديم يقدم صورة العالم المادي، والعهد الجديد يقدم ما سوف يصير إليه العالم الروحي من سماء جديدة وأرض جديدة حيث تعمل النعمة في الطبيعة البشرية. لذلك لم يقل يوحنا في البدء كان الله، لأنه يقصد الحديث عن الكلمة الذي بتجسده صار الخلاص والخليقة الجديدة. من هذا البدء ارتفع يوحنا بجناحي النسر، فرأى المسيح موضوع بشارته ورآه في أزليته في حضن أبيه، أما متى ولوقا اللذان رجعا بتاريخ المسيح لآدم وإبراهيم ليثبتوا أن ابن الله صار إبنًا للإنسان وتجسد ليرفع الإنسان فيصير ابنًا لله. لذلك ينهي لوقا سلسلة نسب المسيح بقوله ابن آدم ابن الله. وفي سفر التكوين حين قال موسى في البدء فهو لا يعني زمنًا معينًا، إذ لم يكن الزمن قد أوجد بعد، فلم تكن الكواكب والشمس قد تكونت بنظمها الدقيقة. لكنه يعني أن العالم المادي له بداية وليس كما إدعى بعض الفلاسفة أنه أزلي، يشارك الله أزليته. ولكن تعبير في البدء هنا يعني حركة أولى لا كمًا زمنيًا وذلك كالقول "بدء الحكمة مخافة الله" (أم10:9). ويأخذ كثير من الآباء بجانب هذا التفسير الحرفي أو التاريخي، التفسير الرمزي والروحي فيرون أن "في البدء" = في المسيح يسوع أو "في كلمة الله الأزلي" وتصير الآية (تك1:1) "في المسيح يسوع كلمة الله خلق الله السموات والأرض". وأغسطينوس يقول أن الابن نفسه هو البدء. فعندما سأله اليهود من أنت أجابهم أنا من البدء أو أنا هو من البدء (يو24:8-25) فالمسيح هو بكر كل خليقة أو هو خالق كل شيء وبهذا يتفق يوحنا وموسى في أن المسيح هو الذي "في البدء" وأنه خالق كل شيء. وهذا التفسير الروحي الرمزي يرى البدء أنها لا تحمل معنى زمني بل معنى العلة. وبنفس المفهوم بدأ يوحنا رسالته بقوله الذي كان من البدء= (الكلمة- الأزلي) الذي سمعناه.... = (تجسد). ونلاحظ أن اسم الأسفار المقدسة بالعبرية هو أول كلمة في السفر. لذلك يسمى اليهود سفر التكوين "في البدء" وحينما تُرجم إلى اليونانية أسموه التكوين GENESIS. وهنا نلاحظ أن الاسمين لهما إشارة للمسيح. الاسم العبري لسفر التكوين أي في البدء يشير للمسيح الابن الكلمة الأزلي. والاسم اليوناني للسفر وهو التكوين GENESIS يشير للمسيح الذي تجسد وصار ابنًا للإنسان. ولذلك فإنجيل متى الذي بدأ بقوله كتاب ميلاد وبالإنجليزية THE BOOK OF THE GENERATION OF JESUS CHRIST وكلمة GENERATION هي من نفس أصل كلمة GENESIS. وإثبات لاهوت المسيح اهتم به يوحنا وإثبات تجسد المسيح اهتم به متى. كَانَ = حينما سأل موسى الله عن اسمه، قال الله إن اسمه "أهية الذي أهية" أي أكون الذي أكون، أي أنا الكائن بذاتي أو أنا الكينونة وبهذا نرى أن كان تشير لكيان المسيح الإلهي القائم منذ الأزل. ولغويًا كان المفروض أن يقال في البدء كانت الكلمة، ولكن الترجمة هنا جاءت "في البدء كان اللوجوس (عقل الله) واللوغوس مذكر. هو الكلمة مشخصًا، فالكلمة هنا لا تعني اللفظ بل هو شخص. والمسيح سُمِّي الكلمة لأن به وفيه تكلم الله غير المنظور (عب1:1-2) فاللوغوس هو العقل الإلهي ظاهرًا في الوجود، فقبل الكلمة أي اللفظ يوجد العقل أو الفكر الذي يلد الكلمة. ونلاحظ في (56:8-58) أن المسيح يقول عن نفسه "أنا كائن" فهو ليس فقط موجود قبل إبراهيم بل هو كائن. فالمقارنة هنا بين المسيح وبين إبراهيم هي مقارنة بين الخالق والمخلوق، بين الأزلي والزمني لذلك لم يقل المسيح أنا كنت قبل إبراهيم بل كائن قبل إبراهيم. الكَلِمَةُ = كما رأينا فإن الكلمة = اللوغوس (هكذا هي الآية في الأصل اليوناني في البدء كان اللوغوس) لها أصول يهودية ويونانية فهي كلمة معروفة تشير للعقل الإلهي. ولكن أيضًا نلاحظ في (مز6:33) قول المرتل "بكلمة الرب صنعت السموات.." فتعبير الكلمة الخالقة ليس جديدًا على اليهود ولا على اليونانيين. فاللوجوس يشير للفكر. والكلمة هي تعبير عن الفكر. وكان العبرانيون يعبرون عن الفكر بأنه الكلام في القلب والباطن. والعرب يقولون "من بنات أفكاره" وفي (رؤ12:19-13) نسمع فيها أن اسم المسيح هو كلمة الله وأن ثوبه مغموس بدم وهذه علامة أبدية لانهزام وقهر العدو إبليس (رؤ11:12). ولكن نلاحظ أن الاسم كلمة الله يشير لحالة خروج من الله وإرسال للإعلان عن مشيئة الله وتتميمها، فالاسم كلمة الله هو اسم المسيح بعد أن اضطلع بالعمل والرسالة. أما اسم الكلمة فقط كما جاء في هذه الآية فهو يعبر عما قبل الخروج والإرسال والإعلان عن الله. هو اسمه الذاتي وليس صفة عمل. ولذلك فحينما أُرْسِلَ الكلمة ليعلن الله ومشيئته قال الكتاب الابن الوحيد.. هو خَبَّر (يو18:1). وكثير من الآيات في إنجيل يوحنا أتت بلفظة لوغوس وترجمتها الترجمة العربية "كلامي" مثل (24:5+ 3:15)+ (31:8-32+51)+(24:14+ 14:17). ويصير المعنى ليس كلامًا عاديًا. فإذا كان اللوغوس هو المسيح كلمة الله، فمن يقبل اللوغوس (كلامي) يقبل المسيح فتكون له حياة أبدية. ومن يثبت في اللوجوس (كلامي) يثبت في المسيح (يو15 : 7). لذلك قال المسيح عن نفسه أنا هو الحق (يو6:14) وقال كلامك حق (17:17) ونلاحظ في آية (43:8) أن هناك فرقًا واضحًا بين الكلام العادي واللوغوس (الكلمة). "لماذا لا تفهمون كلامي. لأنكم لا تقدرون أن تسمعوا قولي". "لماذا لا تفهمون (كلامي العادي). لأنكم لا تقدرون أن (تسمعوا اللوغوس) أي تقبلوني ككلمة الله. والمعنى أنتم لا تفهمون كلامي لأنكم لا تقبلونني. والمترجم للعربية استخدم هنا كلمة (قولي) لأن لوغوس بالعبرية هي قول. ونلاحظ أن الكتاب المقدس هو كلمة الله والمسيح هو كلمة الله وهذا كما فسره الآباء أن من يتأمل في الكتاب المقدس يكتشف شخص المسيح كلمة الله، يرى صورة واضحة للمسيح، فالمسيح هو الحق المخفي في كلامه وفي الكتاب المقدس كلمة الله، هو ينطق بين السطور كومضات نور أو دفقات حياة تنطلق بلا توقف، فالمسيح لا يعطي كلام يصلح للحياة، بل هو يعطي الحياة، فكلامه روح وحياة. " كلمة الله حيَّة وفعالة..." (عب 4: 12). وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ= كلمة "عند" باليونانية (πρὸς بروس) وتترجم أيضًا "مع". وتشير لعلاقة متصلة كما في "لا يقدر الابن أن يعمل شيئا من ذاته إلا ما ينظر الآب يعمل. لأن مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك" (يو19:5) فهناك فهناك اتصال دائم فعال وشركة كاملة مع الله الآب، وبنفس المعنى "الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خَبَّر" (يو 1: 18). وأيضًا نرى في (1يو2:1) نرى الحياة عند الآب بمعنى الاتصال وكذلك في (يو24:17) فالمسيح كائن في الآب متصل به له ملء حياة الله وله المجد معه. ولكن قوله عند الله تفيد أيضًا تمايز الأقانيم فالآب ليس هو الابن والابن ليس هو الآب. وقوله عند الله تفيد أيضًا أزلية المسيح فالآب لم يكن أبدًا بدون الكلمة (العقل) ولم يكن أيضًا بدون قوة. فالكلمة هو قوة الله التي كانت مستعدة دائمًا أن تخلق. إذًا كلمة عند تفهم عن أن الابن شريك للآب أزليًا بدون انفصال. وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ= قوله وكان الكلمة عند الله تفيد التمايز بين الأقانيم وقوله وكان الكلمة الله تشير للوحدانية الإلهية. وفكرة ألوهية المسيا المخلص لم تكن غائبة عن أذهان من يقرأ العهد القديم بفكر وقلب مفتوح (هو7:1+ أر6:23). ونلاحظ في الآية السابقة وكان الكلمة عند الله أن الكلمة والله جاءتا في اليونانية معرفتين بـ"ألـ" توضيحًا أن لكل منهما وجوده الشخصي. والعكس في هذه الآية فالله جاءت بدون أداة التعريف "الـ" وهذا يشير إلى: 1- أن طبيعة جوهر الكلمة هي طبيعة إلهية. 2- لو ذُكِرَ هنا الله مُعَّرف بالـ يصبح لا تمايز بين الأقانيم، أي يكون الله هو الكلمة وبالتالي لا فرق بين الآب والابن. وهذه بدعة سابيليوس الذي قال أنها مجرد أسماء وقال أن الله كان فترة آب ولما نزل للأرض صار ابن ولما صعد صار معنا باسم روح قدس. والمعنى أن الكلمة اللوغوس ليس بمفرده هو الذات الكلية لله، ولكن الله والكلمة (طبعًا والروح القدس) هو الله. St-Takla.org Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت مقارنة بين كلمة الله وكلمة الإنسان الكلمة في الإنسان تُصوِّر شخصية الإنسان تصويرًا جزئيًا، وقد تخطئ فتبقى كلمة الإنسان شيئًا ويبقى الإنسان شيئًا أخر. أما كلمة الله فهو صورة كاملة لله كمالًا مطلقًا، هناك تطابق بين الله وكلمته ، وهناك تساوي ووحدة، ولا توجد ثنائية قط. ولذلك فهناك تطابق بين إرادة الله وفعل كلمته، فالكلمة يقول ويعمل بحسب مشيئة الله بالتمام والكمال (يو49:12-50). ونفس الكلام يقال عن الأعمال التي عملها المسيح (يو19:5+10:14). الآب هو أقنوم الإرادة والابن والروح القدس أقنومي التنفيذ. إذًا كلمة الله، اللوغوس، يحمل طبيعة الله ويُعبِّر عن ذاته تعبيرًا كليًا مطلقًا وولادة الكلمة من الله هي ولادة مستمرة أزلية أبدية، ومع هذا يظل قائمًا في الله يمثل الحضرة الإلهية بكل طبيعتها وقوتها وجلالها. وهذا نفسه ما حدث بعد أن تجسد إذ هو دائمًا يحمل اسم الله وسلطانه كذات الله "من رآني فقد رأى الآب". "أنا في الآب والآب فيَّ" راجع (يو20:5-23+ 44:12-45+ 30:10+ 9:14). في هذه الآية رأينا: 1) متى كان المسيح...... منذ الأزل/ لا بداية له/ هو بداية كل خليقة. 2) أين كان...........هو عند الله. 3) من هو............ هو الله/ هو عقل الله (اللوجوس). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|