فأَجابَ يوحنَّا قالَ لَهم أَجمعين: ((أَنا أُعَمِّدُكم بِالماء، ولكِن يأتي مَن هُو أَقوى مِنِّي، مَن لَستُ أَهلاً لأن أَفُكَّ رِباطَ حِذائِه. إِنَّه سيُعَمِّدُكم في الرُّوحِ القُدُسِ والنَّار. 17بِيَدهِ الـمِذْرى، يُنَقِّي بَيدَرَه، فيَجمَعُ القَمحَ في أَهرائِه، وأَمَّا التِّبنُ فيُحرِقُه بِنارٍ لا تُطفأ)).
عبارة "التِّبنُ" فتشير إلى القشرة الخارجية لحبوب القمح وإلى ما تهشَّم من سيقان القمح والشعير بَعد درْسه، وتُعلَفه الماشية، وهو يدل هنا على الأفراد الذين رفضوا التوبة للعيش مع الله. ويُعلِّق القديس كيرلس "التِبن هو رمز إلى أولئك الناس الذين ضَعُفت عقولهم وسَقُمَت قلوبهم، فأصبحوا قلقين، تهب عليهم الرياح فتفرِّقهم". اليهود اعتبروا أن الوثنيين وحدهم يُدانون، لكن يوحنا المعمدان دعا الجميع إلى التوبة، لان الجميع البشر سيُدانون. أمَّا عبارة "فيُحرِقُه" فتشير إلى الروح القدس، فهو كالريح التي تذكي النار التي لا تُطفا (أشعيا 66: 24). فمن يرفض الله سيرفضه الله، لأنه بلا قيمة في امتداد عمل الله. أمَّا عبارة "أَهرائِه" فتشير إلى البيت الكبير الذي يُجمع فيه القمح؛ أمَّا عبارة "بِنارٍ لا تُطفأ" فتشير إلى نار النعمة المُطهِّرة التي لن تُخمد ابدأ حتى يتمّ غرضها كما جاء في نبوءة أشعيا "لا تَنطَفِئُ لَيلاً ولا نَهاراً ودُخانُها يَصعَدُ مَدى الدَّهر ومِن جيلٍ إلى جيلٍ تَخرَب وإلى أَبَدِ الآبِدينَ لا يَجْتازُ فها أَحَد" (أشعيا 34: 10)؛ وهذه النار تدل على الغضب والعقاب لمن يرفض أن يشارك الله في قداسته كما جاء في تعليم بولس الرسول "النَّارُ ستَمتَحِنُ قيمةَ عَمَلِ كُلِّ واحِد. فمَن بَقِيَ عَمَلُه الَّذي بَناه على الأَساسِ نالَ أَجْرَه، ومَنِ احتَرَقَ عَمَلُه كانَ مِنَ الخاسِرين" (1 قورنتس 3: 12-15). ويُعلن يوحنا المعمدان هنا أن المسيح آتٍ بعده ليُجري القضاء والتطهير، وسيكون هذا التطهير الناتج عن معمودية يسوع أعمق بكثير من التطهير الناتج عن معمودية يوحنا بالماء.