رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
بارات القاهرة تنتظر قرار الإخوان بشأنها
إدوين لين بي بي سي - القاهرة آخر تحديث: الأحد، 19 أغسطس/ آب، 2012، 15:21 GMT هذا أول رمضان للمصريين في مرحلة ما بعد مبارك أمس السبت انتهى شهر رمضان، وهو أول رمضان يقضيه المصريون في مرحلة ما بعد مبارك، وفي ظل حكم حزب إسلامي. ويتساءل بعض المصريين إن كانت بعض مظاهر العلمانية في القاهرة -في ظل الحكم الجديد- ستختفي. الوقت عشية بدء شهر رمضان، وأنا أجلس في أحد بارات وسط المدينة المزدهر، على بعد مرمى حجر من ميدان التحرير، أشرب ما أخشى أن يكون آخر زجاجة بيرة مثلجة مصرية الصنع، على الأقل لمدة شهر. الجو صاخب، وسحب دخان السجائر تغطي المكان ودرجة الحرارة مرتفعة والازدحام شديد. البارات ومن حولي خليط من الزبائن: مسيحيون من كبار السن، ومسلمون ليبراليون، وبعض الثوريين، وصحفيون سابقون، وكلهم يتحلقون حول طاولات مستديرة صغيرة لا تتسع للعشرات من زجاجات البيرة الموضوعة عليها، ولا لعدد الزبائن الآخذ في التزايد على كراسيهم الخشبية. وفي هذه الأثناء كان الجرسون يروح جيئة وذهابا وهو يحمل المزيد من زجاجات البيرة الخضراء ليمنحها إلى الأيدي الممدودة التي يمكنه أن يطالها، ويستطيع بمهارة فتح تلك الزجاجات ونزع أغطيتها المعدنية ببراعة. لم يتبق وقت طويل للشراب. غدا سيبدأ شهر رمضان الكريم، وخلال ساعة سيغلق البار أبوابه، تطبيقا للقانون المصري، مثل كثير من البارات في أرجاء المدينة. ورمضان في مصر يعني 30 يوما من الصيام، والصلاة، وموائد الطعام، ومسلسلات التليفزيون، ومنع المشروبات الكحولية. ولا جديد في هذا. فخلال العقود الماضية ظل قادة البلاد من العسكريين يسعون إلى استرضاء الإسلاميين بإغلاق البارات خلال شهر رمضان، والسماح لها بفتح أبوابها بقية العام. أما الآن فالأوضاع مختلفة. البيرة تصنع في مصر منذ 115 عاما فعندما اختار المصريون مرشح جماعة الإخوان المسلمين، محمد مرسي، رئيسا للبلاد الشهر الماضي، وضعوا -لأول مرة في تاريخ مصر- رئيسا إسلاميا في سدة الحكم. وبينما تقترب ساعات الليل من الانتهاء، ويدفع الزبائن حساباتهم، تاركين البار إلى الشارع، يدور في خلد الكثير منهم تساؤل: متى ستضطر أبواب البارات في القاهرة إلى الإغلاق إلى الأبد. الحصول على مشروب في القاهرة -كقاعدة عامة- ليس صعبا. وتاريخ صنع البيرة في مصر تاريخ طويل. وإضافة إلى الفنادق السياحية والمطاعم، يوجد -على الأقل- أكثر من عشرة بارات محلية، مرخصة لتقديم المشروبات للزبائن، ويرجع تاريخ بعضها إلى الخمسينيات والستينيات، وتجتذب عددا من المصريين إذ تقدم لهم بيرة أرخص سعرا نوعا ما، وديكورا أرخص من الفنادق والمطاعم السياحية. وإن كنت لا تريد مغادرة بيتك، يمكنك الحصول على المشروبات الكحولية عبر بعض المحلات التي تقوم بتوصيل البيرة، والنبيذ، والكحوليات إلى الزبائن بواسطة دراجات نارية خاصة. وتذكر شركة البيرة المصرية، ستلا، وهي أشهر أنواع البيرة في مصر، زبائنها بأنها لازالت تعمل في صنع البيرة لأكثر من 115 عاما، وهذا يجعلها، كما أشار أحد أصحاب البارات، أكبر سنا من جماعة الإخوان المسلمين بـ30 سنة. ويقول المصريون إن الفراعنة عرفوا البيرة، وكان بعضهم يشربها. مفارقة وبالرغم من أن القاهرة مدينة تجد فيها جنسيات مختلفة من أنحاء العالم، فإنه من المستحيل أن تتجاهل المفارقة الواضحة بين منظر البارات، من ناحية، والثقافة الإسلامية العميقة الجذور في مصر، من ناحية أخرى. فمصر -بصفة عامة- بلد إسلامي محافظ متدين. ولا تقتصر الثقافة الإسلامية فقط على المساجد التي تتزاحم مآذنها العالية في عنان السماء، وتوجد في كل شارع، وبين الدكاكين والمقاهي، وتحت الجسور، وفي أقبية المباني، بل إن الإسلام تتداخل خيوطه في نسيج الحياة اليومية للمصريين. ويقول أحمد -وهو شاب في نهاية العشرينيات- "عندما يشرب الناس الكحول، فإنهم يفقدون عقولهم، ويتسببون في مشاكل في الشوارع". ولا يعد أحمد أحد مؤيدي الإخوان المسلمين، وليس سلفيا، لكن علامة السجود على جبهته تظهر مدى جديته بشأن الدين. ويضيف أحمد "ينبغي أن يكون الناس أحرارا في الشرب في بيوتهم إذا اختاروا، لكن البارات يجب أن تُغلق في نهاية المطاف". مشكلات وفي مصر الآن مشكلات بحاجة إلى علاج، فلا شك أن الاقتصاد فيها بحاجة ماسة إلى الاهتمام، كما أن انتقال البلاد من حكم العسكريين إلى سلطة مدنية بحاجة أيضا إلى جهد ضخم. وخطة "الـ100 يوم" التي أعلنها الرئيس المصري محمد مرسي تركز على أمور أخرى مهمة للناس، كالخبز، والقمامة، والطاقة، والأمن، والمرور. الإخوان المسلمون يهمهم ترويج خططهم الاقتصادية والسياسية أكثر من موضوع البيرة أو البكيني كما أن جماعة الإخوان المسلمين نفسها حريصة على ترويج خططها السياسية والاقتصادية، وليس وجهات نظرها في القضايا الاجتماعية، من قبيل البيرة، أو ارتداء البكيني. لكن اتجاه الإسلاميين إزاء الكحول -بالنسبة إلى العلمانيين- يعد مؤشرا إلى المدى الذي يراه الإسلاميون مناسبا لتطبيق أجندتهم الدينية. وبعد أيام قليلة فقط من بدء شهر رمضان، بدا أن خوفي من جفاف البيرة في رمضان أمر ليس في محله، فقد وجدت نفسي مرة أخرى وأنا أحتسي البيرة في بار قابع في أحد الشوارع الخلفية، وقد كتب على بابه لافتة تقول "للأعضاء فقط". وهناك كان يجلس صديقي حسن، وهو شاب ليبرالي في الثانية والعشرين. ويقول حسن إن القواعد المقننة للبيرة بالنسبة إليه ليست حول السُكر، لكنها حول حرية الاختيار. ويضيف "لا أحب أن ينصحني الناس بما يجب أن أفعل، وما لا ينبغي أن أفعل". وبينما تنتهي ليلة رمضانية وقبيل بزوغ خيوط الصباح، يستطرد حسن "ليس هذا هو نوع البلد الذي أريد أن أعيش فيه". |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|