يُعتبَر تاريخ إبراهيم تاريخًا عجيبًا جدًا، والسر في ذلك هو أن هذا التاريخ لم يبدأ بظهور إبراهيم، بل بظهور الرب. ولأن أول صوت سُمِعَ فيه لم يكن صوت إبراهيم، بل صوت الرب. ولا يمكن أن يكون لتاريخ أي إنسان قيمة إلا إذا بدأ بظهور الله. فقد دعا الله إبراهيم للخروج، وكانت دعوة إلهية فعالة. وهوذا الله يُقدِّم الدعوة عينها إلى كل نفس بعيدة وضالة عنه الآن. وكل نفس وصلت إليها الدعوة، ولم تقبل صوت الرب، ولم تُلَبِّ هذه الدعوة، فلا يُعتبر لها تاريخ في الوجود. فقد يعيش الإنسان عشرات السنين، فيها يتمتع بكل أنواع مسرات الحياة، ولكنه لا يزال الإنسان المسكين الشقي، ما لم يقبل بالإيمان دعوة الله، ويُحبّها ويُطعها.