منذ أن سقط آدم وحوّاء، قال ربّك لحوّاء: بالوجع تلدين أولادًا؛ ولآدم: بالتّعب تأكل من الأرض كلّ أيّام حياتك!. لا باليسر ولا بالرّاحة!. أتظنّ قولة ربّك لعنة؟ بلى ولكن، لأجل المفارقة، للبَرَكة!. ما لُعنت الأرض إلاّ لتكون لك فرصةٌ أن تحيا!. اللّعنة، أنت أدخلتَها إلى حياتك بالخطيئة، فحتّى لا تفنى، لعن العليّ الأرض، أي جعلها على شاكلتك، تعاني وتنحلّ نظيرك ليكون لك مكان تقيم فيه!. بسببك ملعونة الأرض، حتّى كلّما خلدت إليها، كعشيرة ومشيرة، وطالعتَ أوجاعها، فطنتَ، كما في مرآة، إلى ما اقترفته يداك، فنهدتَ إلى توبة نصوح، تستعيدك والأرضَ إلى حضن ربّك!. فإن مججت التّعب وطلبت الرّاحة في الأرض رسختِ اللّعنةُ، بالأكثر، في روحك، وألقتك في أتعاب لا قرار لها!. لا تطلب اليسر لأنّ الحياة على الأرض، انتظمت، عند ربّك، عُسرًا!. اليُسرُ، هنا، إن سعيت في إثره، حتّم عليك مسير النّفاق!. كلّ سعي إلى الغنى والامتلاء والرّاحة والرّغد، ملطّخ بالمآثم؛ لا يعطيك سلامًا بل قلق، ولا يشبعك بل يجيعك، ولا يخفّف عنك بل يضنيك؛ يزيدك همًّا، يفرغك، يُشْقيك!.
الأرشمندريت توما (بيطار) رئيس دير القدّيس سلوان الآثوسيّ، دوما – لبنان