منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 09 - 12 - 2021, 10:01 PM
الصورة الرمزية بشرى النهيسى
 
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  بشرى النهيسى غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,619

أبونا الراهب سارافيم البرموسي
- في ذلك الإنسان


من وحي المعجزة الواردة في (متى 12: 10)، (مرقس 3: 1)، (لوقا 6: 6)..

في السبت، يوم الراحة العظيم

هناك في المجمع، حيث الجماعة منتبهة ومنصتة إلى التوراة والأنبياء

حيث التسابيح وصلوات الشكر مرتفعة بمنتهى التدقيق

هناك وفي زاوية مظلمة،

كان يجلس رجلٌ

قد جاء وسط الجمعُ التقي

ليُصلِّي ويبارك الله

و لكن يداه لم تكن قادرة أن ترتفع إلى العلاء

فهي يابسةٌ

فكانت صرخات قلبه يدين، تلامس ثوب السماء

و كانت عيناه عصفورين، يهيمان في العلاء

بحثاً عن شفاء

كان يستمع بملء الإيمان إلى البحر الذي انشق

و الأرض المبلّلة التي حملت الشعب الهارب على جناحيها

حتى أفلتوا من أنياب فرعون الثائر

و كان يُصلِّي:

مَنْ لي بموسى آخر،

يضرب بحار اليأس والألم من حولي؟

هل لي نجاة من فرعون المرض الذي يلاحقني؟؟

و دخل إلى المجمع رجلٌ، أشبه بملاك مُضيء

و التقت فيه الأعين بينما الجميع في أماكنهم بلا حراك

وقف على المنبر

و كأنه قادمٌ للتو، بلوحي الشريعة من الجبل المقدس

بدأ الكلام، فكانت كلماته أشبه بنارٍ هادئةٍ

تذيب برودة الخطيئة من القلب،

و تخيف ذئاب الألم واليأس التي تحيط بالنفس

فتجري مهرولة إلى غابات الظلمة، لتختبئ من أعينه النارية

كانت كلماته عن الحب والدفء

كان يلامس أعماق الإنسان الثائرة.. الحائرة

فيروّضها

كان يزرع باقة من رجاءٍ حول القلب المنهك بالحزن

كانت كلماته حيّة وفعّالة وخارقة للنفس

كان الجميع هائمين في سماء كلماته

لا يريدون النزول إلى أرض الناموس المُتشدّد الذي اختلقه فريسيو ذاك الزمان

لا يريدون أن يتركوا ذلك العالم الجميل

فدفء الحب فيه، هو السعادة المطلقة التي يبحث عنها الإنسان

في سعيه على الأرض.

بينما كان يسوع يعزف أنشودة الحب المختبئة في الكتب المقدسة

كانت عيناه تجولان تصنع خيراً

كانت نظراته ترياقًا لكسيري القلب ومنسحقي الروح

و فجاءةً، توقفت عيناه على تلك البقعة المجهولة من الجميع

نحو ذلك الإنسان، الذي لم يدرك أحد إنسانيته من قبل

فقد كانوا منشغلين عن الإنسان بالحرف!!

هناك، توقفت عينا يسوع

و شاهد القلب الذي يدمي في وحدةٍ قاسيةٍ

و كأنه في جزيرةٍ، لم تشرق عليها شمسٌ

هناك، توقفت عينا يسوع

وإلى هناك، التفت الفريسيون والكتبة

تحوّلت أعين الجميع عن المنبر

و التفتت نحو الإنسان

هناك، في ذلك الإنسان الذي يلتمس معونة

فلا يجد سوى همهمات

يستجدي الحب

فلا يجد سوى النصوص والأحرف المتراصة

هناك، دارت المعركة في صمت الكلمات

السبت أم الإنسان

الشريعة أم الحياة

الحرف أم الروح

مدّ اليد للمعونة أم الاكتفاء برفع اليد في الصلاة!!

هناك في ذلك الإنسان

اصطدم الحب الغامر الذي جاء به يسوع للإنسان

مع القسوة والتشدّد الذي اختلقه الإنسان

لموت الإنسان

هناك في ذلك الإنسان

تسائل الجميع

لماذا وجدت الوصايا والناموس والشريعة؟

هل خُلِقَت الوصايا على صورة الله الحرّ

فصارت السيّد الذي ينحني أمامه الإنسان؟!!

هل وُجِدَت لوأد جنين الحب في القلوب؟

و لزيادة العزلة بين الإنسان والإنسان

و بين الإنسان وإله الإنسان؟!

هل وُجِدَت لتزيد من قسوة الحياة

و تقف شامخة في وجه البشرية في صراعَ بقاءٍ للأقوى؟!

لمَنْ وُجِدَ ت الوصية؟ ومَنْ الذي أعطاها؟

أليس هو الله.. إله الحب والدفء والحنان

ألم توجد خوفاً على الإنسان من أن يفقد إنسانيّته

و يتحوّل من إنسان إلى حيوان

يهيم في غريزة وخطيئة

ويستوطن أرضًا

تلتهمه غدًا في طوفان

ألم توجد خوفاً على الإنسان من تخليق آلهة

تشاركه فساده وانحرافه وقسوته

فتخنق شعلة النور في قلبه

وتذيبها ذوبان

هناك في ذلك الإنسان

كانت الرسالة للبشرية

أن الحب هو مقياس الإيمان

وقف ذلك الحطام الإنساني وسط الجميع

و بدأ التحوّل يجري في القلب الوحيد الشريد

فحُبّ يسوع خلق منه كيان

و لكن..

هل يمد يده ويُشفَى في سبتٍ؟

هل يُدنّس السبت بقبوله الحياة في يده؟

هناك في أعماق ذلك الإنسان

دار صراع آخر

فشعاع نور حرية الحياة

يريد أن يخترق ظلمة وضبابيّة قيد الحرف

و انتصر الحب على السبت

و امتدت اليد اليابسة

امتدت يد البشرية بالعمل والحياة

امتدت لتحتضن ولتساند ولتلامس الجراح الإنسانية

امتدت منذ أكثر من ألفي عام

و لم تيبس مرة أخرى

فحينما تدنو منها تجربة الحرف

وحينما تريد الحية أن تهمس في آذانها

أن الله يريد مؤلّهي الحرف

و متشدّدي الناموس

و فريسيو الشريعة

تنظر إلى يدها التي انتصرت على الحرف

و تنظر إلى قلبها الذي يموج بالحب

و تصرخ قائلة:

سأحب.. سأحب.. سأحب

فالحب يشفي من يحب

و من يتقبل الحب
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
ينبغي ألاَّ نخلط بين أعمال الإنسان العتيق وأعمال الإنسان الجديد
ما الصلاة إلا وسيلة اتصال بين الإنسان والسماء وجدت منذ وجُد الإنسان
إقامة الإنسان الجديد المقدس بالدم عوض الإنسان القديم الذي تحطم
تدبير إلهنا ومخلصنا بشأن الإنسان هو إعادة الإنسان من السقوط
لنزع الإنسان العتيق الفاسد بشهوات الغرور ولبس الإنسان الجديد


الساعة الآن 03:16 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024