رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
- أتعلم ما تصلي لأجله؟!
الراهب القمص بطرس البراموسي في بعض الأحيان يصلي الإنسان ولكنه لا يعرف ما يصلي لأجله أو السبب الحقيقي للصلاة، أيًّا كان مُبتدءًا في المُمارسات الروحية أو يسلك في الطريق منذ القِدَم، بعيدًا عن البحث في طريقة الصلاة هل هل مِن الشفاه أم من القلب، هل هي بالذهن والفكر والمشاعر والحواس أم ترديد كلام مثل الأمم باطِلًا: "وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلاً كَالأُمَمِ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ" (متى 6: 7). وكما وضع لنا معلمنا بولس الرسول طريقًا نحتذي به في قوله: "فَمَا هُوَ إِذًا؟ أُصَلِّي بِالرُّوحِ، وَأُصَلِّي بِالذِّهْنِ أَيْضًا. أُرَتِّلُ بِالرُّوحِ، وَأُرَتِّلُ بِالذِّهْنِ أَيْضًا" (1 كو 14: 15)، لئلا يكون الإنسان مثل الأعجمي الذي لا يفهم كلام الآخرين، ولا يفهم الآخرين كلامه، وتكون صلاته بلا موضوع ولا هدف لائق، وفي بعض الأحيان تتحوَّل صلواتنا إلى طلبات فقط من الله، ولا نتذكَّر الصلاة إلا في حالة الطلب العاجل والمهم والمُلِح، في حين أن السيد المسيح يقول لنا: "وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلاً كَالأُمَمِ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ. فَلاَ تَتَشَبَّهُوا بِهِمْ. لأَنَّ أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ" (مت 6: 7، 8). لذلك يقول القديس باسيليوس الكبير: "وإن كنت مريضًا لا تطلب من الله الصحة، لأنك لا تعرف ما هو المفيد لك: الصحة أم المرض"، وبحسب طبيعتنا البشرية المتفقين فيها جميعًا، نطلب الصحة لكننا لا نعرف روحيًّا ما هو المفيد، ربما يتعبني المرض على الأرض، ولكنه يضمن لي ملكوت السموات إذا كان استغلالي له حسنًا. وعن ذلك يقول المتنيح قداسة البابا شنوده الثالث: "فمن المعروف عن المهاتما غاندي أنه كان يكره الطب والمستشفيات -لا نريد مناقشة الرأي كله وإنما نعرض فقط وجهة نظر غاندي في المستشفيات- يقول أنها تعطي الإنسان صحة جسدية ربما يغضب بها الله.. وربما ينهمك بها في الشر ويخسر الله.. ولذلك كان غاندي يهتم بالعلاج الروحي والنفسي أكثر من العلاج الجسدي.. ما معنى أن شابًا مريضًا يُعْطى صحة يستغلها في الزنى والفسق، ما معنى أن إنسانًا شريرًا يُعطى صحة يستغلها في الشر والظلم والسرقة والفساد وضرر الآخرين.. هل كانت هذه الصحة للفائدة أم للضرر؟! وهنا أقول لك أيها القارئ هذه وجهة نظر غاندي وليست القاعدة العامة، فالله يعطينا الصحة لكي نمجده بها ونعمل ونجتهد ونحقق نجاحًا يليق بأولاد الله، وليتمجد اسمه فينا، وليس في عمل الشر.. وهذا قد يكون ردًّا على السؤال: "أتعلم ما تصلي لأجله؟" وإن الإنسان يصلي من أجل الشفاء ومن أجل الصحة والعمر الطويل دون أن يستفاد بها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وبالرجوع للكلام نذكر قصة في بستان الرهبان تحكي أن أحد الرجال الأثرياء الشرفاء كانت له ابنة وحيدة مريضة مشرفة على الموت، فطلب من أحد القديسين أن يصلي من أجلها لِتُشفَى كما هي أمنية أي أب لابنته، فحاول القديس أن يعتذر له بكل الطرق، ولكن أباها صمَّم على طلبه وألحَّ على القديس، فصلى القديس من أجلها وأقامها الله من مرضها وعاشت الفتاة، إلا أنها بعد فترة سلكت في سيرة شريرة دنَّسَت بها سمعتها وأضاعت بها كرامة أبيها ومنزلته السامية بين الجميع، لدرجة أنه عاد الرجل إلى نفس القديس وقال له: "صلي لكل يأخذ الله الفتاة ويريحنا من أفعالها وما تسبَّبَت فيه لنا"، فأجابه القديس: "أنت طلبت مشيئتك الخاصة بإصرار وإلحاح ولم تترك مشيئة الله العالِم بكل شيء أن تتم". فتركه لحاله ولم يصلي من أجله مرة أخرى.. وهذه القصة تعلمنا أننا في بعض الأحيان لا نعرف ما نصلي لأجله، نصلي من أجل أهداف قصيرة وطلب لحظي وفكرة مُلِحَّة ونظرة بشرية محدودة، ومع الإلحاح والطلب المستمر يستجيب الله لطلبنا حسب مشيئتنا وليس حسب مشيئته، فيكون الوقوع في المحذور، وبعد ذلك نطلب أن يصلح الله ما أفسدناه بحسب مشيئتنا، ونلوم الله بعدم سماع الطلب وبعدم استجابته، ولا نعلم أنه في بعض الأحيان تكون علامة استجابة الله للصلاة هي عدم استجابته للطلب الذي من خلالها.. أيها الحبيب في الرب، إذا صلَّيت من أجل شيء ما، فاترك لله حرية القرار، وكن مُطيعًا لإلك الذي يفعل كل شيء لصالحك، فهو مُحِب البشر الصالح، ويدبر حياتنا حسب إرادته الصالحة. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|