أَنتيباس شهيدي

[Mary Naeem]

أَنتيباس شهيدي





أنا عارف أعمالك، وأين تسكن حيث كرسي الشيطان..
في الأيام التي فيها كان أنتيباس شهيدي الأمين الذي قُتل عندكم

( رؤ 2: 13 )


نحن المؤمنين لم نرَ أخانا أنتيباس الذي عاش وخدم منذ زمان بعيد في مدينة برغامس، نحن لم نبصره بالعيان ولكن لنا بين ثروتنا الغالية المخزونة في كلمة الله صورة له، صورة مصغرة جداً لكنها واضحة التقاطيع جيداً كتبها الرب نفسه. وإن كنا لم نرَ هذا القديس، لكن نشبع إذ نتأمل في أمانته الراسخة المستمرة وولائه الجريء. نعم إذ نتفرس في ملامحه الجذابة نشتاق إلى ذلك اليوم الذي فيه نضع أيدينا في يده ونهزها في شوق قائلين: شكراً لك أيها الأخ أنتيباس لأنك أريتنا كيف نعيش في زمان صعب، وكيف نتصرف إذا ضاق الأمر، وحصرتنا زاوية ضيقة في العالم الشرير.

وإذ نتأمل هذه الصورة دعنا قبل كل شيء نلقي نظرة على الظلال القاتمة الخلفية التي يبرز من خلالها وجه أنتيباس مُشرقاً ولامعاً. إنها ظلال مُظلمة حالكة لظلام برغامس نفسها، التي كان فيها الهياكل الوثنية وعبادة الأوثان، التي كانت تعبد الإمبراطور كما تعبد الزحافات، والتي فيها ارتكبت أشد الاضطهادات الدينية مرارة. وقد وصف الرب أفعالها الشيطانية ومجتمعها الفاسد بعبارة مُعبِّرة جامعة إذ قال "حيث الشيطان يسكن".

هذه هي البيئة التي عاش فيها أخونا أنتيباس، وهذه هي الخرائب التي وُجد بينها. كان مركزه فيها صعباً للغاية، مركز لا يُحسد عليه أي خادم للرب. ولكن الرب الذي وضع أنتيباس هناك لكي يضيء بينهم، لم يكن يجهل هذه المخاطر وتلك الصعوبات، ولذلك زوَّد عبده بكل ما يحتاج إليه حتى يلمع نوره بقوة وباستمرار في تلك المدينة التي فاق سوادها حلوكة الليل البهيم. كانت برغامس مكاناً صعباً ولكن الرب عرف كل شيء عنها كما يعرف كل شيء عن كل مكان يرسل إليه عبيده.

هل يضعنا الرب أحياناً في أماكن صعبة؟ إذاً فلنتذكر لأجل تشجيعنا وتعزيتنا أن الرب يعرف كل شيء عن صعوبات ذلك المكان "أنا عارف ... أين تسكن". إنه لا يستهين بها ولا يقلل من شأن المعونة اللازمة لكي تحفظنا أصحاء ولامعين لأجل مجده في وسط الصعوبات. إنه يعرف أية معونة لازمة لنا، وبدون شك يمدنا بهذه المعونة اللازمة طالما وثقنا فيه واتكلنا عليه. .