رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إن التوبة عملية عظيمة، إنها صورة واضحة لتقدم الإنسان في عالم الحرية وبعث لها ومساهمة في الخليقة الجديدة وإعادة نحت التمثال العظيم الذي سقط وتكسّر وتشوّه، إنها القوة التي تفيض دموعاً وتتحرك تحت إشاعات الفيض الإلهي كما تتحرك مياه المحيطات تحت تأثير القمر، وهكذا تتعانق اللجج وتلتقي الإشعاعات، وتتعرى الصورة من أقنعتها، ويغرق الجزء في محيط الكل ويعانق الكل بالمحبة في وحدة الغاية والهدف، وتتم عملية الخلاص بالوحدة الإلهية ويصبح الإنسان كلمة للكلمة المتجسد وإبداعاً في عالم الخلاص البشري، إن عملية التوبة تبتدئ بالدموع، والدموع تغسل الأوساخ المتراكمة في طريق البصيرة، وتنتهي بتركيز الإرادة في طريقها الصحيح، وتعيد صورة اللاهوت إلى جمالها القويم ونورها المشرق، والإرادة الملتوية إلى طريقها القويم، والتوبة محبة تستيقظ بعد زيقانها، وهي محبة تحطم الحواجز، محبة لا تسقط أبداً، محبة مبطنة بالدموع، والتائبون يشربون من دموعهم كوثر الفرح العظيم ويأكلون طعام الأزل الخالد، بعكس الخطيئة التي هي انحراف عن الطريق السوي، وفوضى في مجاري علاقات الإنسان مع نفسه، وتقلص في حرارة النفس ودفئها لابتعادها عن النار المطهرة بالمحبة والعدل، وجفاف في ينابيعها الدفاقة لابتعادها عن النبع الغزير، وعمى يحول الحقائق إلى ظلمات تتكدس في مجاري الحياة الباطنة فتصبح مع الزمن كيانية في الكيان الإنساني، لها مفعولها وقوتها ومراميها وغاياتها، وهكذا يتقوى ملكوت الشيطان في الإنسان، ويصبح الإنسان ألعوبة بيده ويصبح الفردوس المفقود مفصولاً عنه بملكوت قائم مظلم، خلقه كبرياء الإنسان وغروره ومطامعه وتخطي هذا الملكوت يتم عن طريق التوبة المتضعة، التوبة الواعية، التوبة المارقة من أتون الألم المطهر والفاصلة جذرياً ما لا يكون عن الحقيقة التي يجب أن تكون، والدافعة لكل القوى الروحية نحو الهدف المنشود الذي من أجله خلق الإنسان، وبدون هذه التوبة لا يمكن أن تعود للنفس أصالتها ولا يمكن أن تتمتع بحريتها. المطران الياس (معوّض) مطران حلب وتوابعها |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|