رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لقداسة البابا شنودة الثالث
تطويب التواضع إن السيد المسيح الذي تتكامل فيه جميع الفضائل، حينما أراد أن يوجه تلاميذه القديسين إلى الاقتداء به، قال لهم: "تعلموا مني فإني وديع ومتواضع القلب" (مت11: 29). قال هذا على الرغم من أن كل فضيلة يمكننا أن نتعلمها منه.. كان يمكن أن يقول: تعلموا مني الحكمة، المحبة، الحنو، الهدوء، الخدمة، التعليم، قوة الشخصية.. فلماذا إذن ركّز على التواضع والوداعة..؟ أليس من أجل الأهمية القصوى لهاتين الفضيلتين؟ وهكذا نرى التواضع بارزًا في أقوال الآباء وفي حياتهم.. قال ماراسحق: "أريد أن أتكلم عن التواضع ولكنني خائف، كمن يريد أن يتكلم عن الله.. ذلك لأن التواضع هو الحلة التي لبسها اللاهوت لما ظهر بيننا.. ولهذا فإن الشياطين حينما ترى شخصًا متواضعًا، تخاف. لأنها ترى فيه صورة خالقه الذي قهرها.. حقًا، ما أعجب هذا الكلام عن التواضع! التواضع يستطيع أن يقهر الشياطين: وهذا واضح جدًا في قصة أبا مقار الكبير، الذي ظهر له الشيطان وقال له: "ويلاه منك يا مقاره. أي شيء أنت تفعله، ونحن لا نفعله؟؟ أنت تصوم، ونحن لا نأكل. أنت تسهر، ونحن لا ننام. أنت تسكن البراري والقفار، ونحن كذلك. ولكن بشيء واحد تغلبنا". فسأله القديس عن هذا الشيء، فأجاب: "بتواضعك وحده تغلبنا". وهذا واضح طبعًا. لأن الشيطان لا يستطيع أن يكون متواضعًا. فهو باستمرار متكبر وعنيد. لذلك يقدر المتواضع أن يقهره. فهو يملك التواضع الذي لم يقدر أن يملكه الشيطان. وتظهر قيمة التواضع في حياة القديس الأنبا أنطونيوس: أبصر هذا القديس العظيم فخاخ الشيطان مبسوطة على الأرض كلها. فألقى نفسه أمام الله صارخًا: "يا رب، من يفلت منها؟". فأتاه صوت من السماء يقول "المتضعون يفلتون منها". وهنا لعل البعض يسأل: "ولماذا المتضع بالذات هو الذي يفلت من فخاخ الشياطين؟". ونجيبه: المتضع إذ يشعر بضعفه، يعتمد على قوة الله. فتسنده قوة الله، وتحميه من فخاخ الشياطين. وذلك على عكس (الحكيم) المعتمد على حكمته. وعكس (القوي) المعتمد على قوته، و(البار) الواثق ببره.، . أما المتواضع المتأكد تمامًا والمعترف، إنه لا قوة له ولا حكمة ولا برّ، فإن الله يسند ضعفه ويحارب عنه. وهذا هو أخشى ما يخشاه الشيطان.. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|