رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الملكوت كانت فكرة الأبدية واللانهائية، وما تزال، تؤَرق الكثيرين ولا يجدون لها تفسيرًا شافيًا فقد تعَود الناس علي التغيير في حياتهم، بل حتى الحياة نفسها تتغير إلي حياة أخري بالموت، فكيف سيحيون إلي ما لا نهاية في نفس المكان ومع الشخصيات ذاتها وبنفس البرنامج؟. إلي أن تجسد ابن الله وفتح دائرته علي دائرة البشر وفتح بصائرهم، وأعطي الخلاص مفاهيمًا جديدة للحياة وقيمة هائلة للإنسان، ووجدت البشرية في شخص الرب يسوع ردودًا وحلولًا لجميع معضلاتها. إن السرمدية (الأزل والأبد) عمومًا أمرًا يفوق العقل البشري المحدود وحساباته ومنطقه القاصر، إذ كيف تستوعب حفرة ضيقة بحرًا من المياه أو محيطًا! هكذا الإنسان المادي الترابي ما لم يرتفع فوق مستوي الاهتمامات الزمنية فكيف يمكنه استيعاب هذه العطية. ولعل أبرز ما يتبادر إلي الذهن سريعًا بخصوص الحياة المُقبلة هو الملل –كما أشرنا- والذي هو كفيل بهدم لذتها، كما أن التفكير فيه يثير العديد من الأسئلة والتي لا جواب شافي لها (هنا)، ولكن الملل لن يكون له وجود هناك بالطبع، والسبب أن عامل الزمن سيكون منعدمًا في الحياة الأبدية، فليس هناك وقتًا بالمعني الذي خبرناه هنا، لا مجرات ولا كواكب ولا دورات طبيعية كما هو الحال الآن مما ينتج عنه تعاقب الليل والنهار والفصول والسنين وما إلي ذلك، " أَنَّ يَوْمًا وَاحِدًا عِنْدَ الرَّبِّ كَأَلْفِ سَنَةٍ، وَأَلْفَ سَنَةٍ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ" (2 بط 3: 8) اليوم بالنسبة لساكني النار الأبدية يمر كألف سنة في حين أن الألف سنة بالنسبة لأهل الملكوت تمر كيوم واحد، ونعرف أن الوقت يمر سريعًا (في وقت الفرح) بينما يمر ببطء في أوقات المحن. ثم أنه من ذا الذي يسكن بحضرة المسيح دون أن يُسلب لُبَه، ويُسبي بهذا المجد وهذا الحضور الإلهي. إنه فرح " لاَ يُنْطَقُ بِهِ وَمَجِيدٍ،" (1 بط 1: 8) ويقول القديس أغسطينوس [إن مكافأة الله للأبرار هي إعطاءه ذاته لهم]. من كتاب الحياة الأبدية - الأنبا مكاريوس الأسقف العام بالمنيا |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|