رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
لماذا دبر الرب فى خطة الخلاص أن يتم الفداء بذبيحة الصليب، وليس بموت السيد المسيح بطريقة أخرى؟ ونجيب على ذلك بأن هناك أسباباً كثيرة يصعب حصرها ونذكر منها على سبيل المثال: أولاً: لكى يكون هو الطريق المؤدى إلى السماء فتعليق السيد المسيح على الصليب ما بين السماء والأرض يذكرنا بسلم يعقوب الذى رآه منصوباً على الأرض ورأسه يمس السماء والرب واقف عليه والملائكة صاعدة ونازلة عليه. وقد قال الرب عن نفسه “أنا هو الطريق والحق والحياة” (يو14: 6). ثانياً: لكى يكون هو الكاهن وهو الذبيحة فى آنٍ واحد لأن السيد المسيح كان فاتحاً ذراعيه على الصليب رافعاً إياهما إلى أعلى. وفى نفس الوقت كان مجروحاً ينزف دمه كذبيحة مقبولة عن خلاص جنسنا. وكما قال أحدهم [هو الكاهن الأعظم صعد إلى المذبح ليصلى، وفيما هو يقدّم نفسه ذبيحة؛ دافع عن البشرية الخاطئة (أى تشفع من أجل الخطاة لينالوا الغفران بالتوبة والمعمودية المقدسة)]. ثالثاُ: لكى يكون حملاً مذبوحاً قائماً رآه يوحنا فى سفر الرؤيا فى وسط العرش حملاً قائماً كأنه مذبوح ولا يمكن أن تكون الذبيحة واقفة وليست منطرحة على الأرض إلا فى وضع الصليب. رابعاً: كان ينبغى أن يموت مذبوحاً لأنه “بدون سفك دم لا تحصل مغفرة” (عب9: 22) فلو مات السيد المسيح مخنوقاً أو غريقاً أو بالحرق بالنار لما أمكن أن يقال عنه “لأن فصحنا أيضاً المسيح قد ذبح لأجلنا” (1كو5: 7). والسيد المسيح لم تكسر ساقيه على الصليب مثل اللصين اللذين اختنقا عندما تدليا من ذراعيهما. بل سلّم السيد المسيح الروح نتيجة النزيف الحاد من الجراحات الخارجية كالمسامير وإكليل الشوك والجلد، والجراحات الداخلية التى نشأت عن جَلد القفص الصدرى بأعصاب البقر المدلاة فى أطرافها قطع من المعدن أو العظام التى تمزق الشرايين المحيطة بالقفص الصدرى داخلياً تحت الجلد بجوار الضلوع عندما يلتف الكرباج حول الصدر أثناء الجلد على الظهر. لذلك حينما طعن الجندى السيد المسيح بعد ذلك بالحربة فى جنبه كان صدره ممتلئاً من الدماء والماء. الدم أولاً حيث يترسب الهيموجلوبين، والماء بعد ذلك حيث البلازما، والمياه الناشئة عن الارتشاح (الأوديما). خامساً: الصليب هو العرش قال المزمور “الرب قد ملك على خشبة” (مز95: 10) والخشبة هى خشبة الصليب. ويقول المزمور أيضاً “كرسيك يا الله إلى دهر الدهور، قضيب الاستقامة هو قضيب ملكك” (مز44: 6) إن قضيب ملكه هو أيضاً خشبة الصليب. والسيد المسيح قد قال: “متى رفعتم ابن الإنسان فحينئذ تفهمون أنى أنا هو” (يو8: 28)، وقال أيضاً: “أنا إن ارتفعت عن الأرض أجذب إلىّ الجميع” (يو12: 32). الصليب له أربعة أذرع مثل العرش الإلهى الذى تحيط به الأحياء الأربعة غير المتجسدين؛ شبه الإنسان ويرمز إلى التجسد، وشبه العجل ويرمز إلى الذبيحة (الصلب)، وشبه الأسد ويرمز إلى القيامة، وشبه النسر ويرمز إلى الصعود. كما أنها ترمز إلى الأناجيل الأربعة: متى ولوقا ومرقس ويوحنا بنفس الترتيب المذكور عن الأحياء غير المتجسدين. فى الصليب نرى بوضوح الذبيحة ولكننا نرى بعين التأمل التجسد والقيامة والصعود. فالمصلوب هو الرب المتجسد، وهو الرب المذبوح، وهو الرب القائم (لأنه مذبوح وقائم على الصليب)، وهو الرب الصاعد (لأنه معلق بين السماء والأرض). القيامة والصعود لم يكونا قد حدثا بعد ولكننا نراهما فى الصليب بعين التأمل، كما أننا نؤمن بقلوبنا أن المصلوب قد قام وصعد إلى أعلى السماوات. إن الصليب ذا الأذرع الأربع يشير إلى الخلاص الذى امتد من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن الشمال إلى الجنوب. لذلك نقول فى صلاة الساعة السادسة {صنعت خلاصاً فى وسط الأرض كلها أيها المسيح إلهنا عندما بسطت يديك الطاهرتين على عود الصليب، فلهذا كل الأمم تصرخ قائلة: المجد لك يا رب}. إن الصليب هو ينبوع للتأمل، وعليه حمل الرب لعنة خطايانا ومحاها بالصليب إذ أوفى الدين الذى علينا وقدّم نفسه عوضاً عن الجميع. فما أجمل أن نضع الصليب أمام أعيننا على الدوام لأنه يذكرنا بحب الله الآب الذى بذل ابنه الوحيد لأجل خلاصنا. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|