16 - 07 - 2021, 03:28 PM
|
|
|
† Admin Woman †
|
|
|
|
|
|
قيل عن السيد المسيح بفم إشعياء النبى:
“هوذا فتاى الذى اخترته، حبيبى الذى سرت به نفسى. أضع روحى عليه فيخبر الأمم بالحق، لا يخاصم، ولا يصيح، ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ. حتى يُخرج الحق إلى النصرة، وعلى اسمه يكون رجاء الأمم” (مت12: 18-21).
لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته.
المقصود بالخصام هنا، الجدال المصحوب بالغضب، والصياح، والكراهية، والكلمات الجارحة، والذى يؤدى إلى العداوة المتبادلة.
لهذا أوصى معلمنا بولس الرسول: “فأريد أن يصلى الرجال فى كل مكان، رافعين أيادى طاهرة، بدون غضب ولا جدال” (1تى2: 8).
كان السيد المسيح يدافع عن الحق فى وداعة عجيبة. لم يكن يهدد أو يتوعد، بل كان يثق فى قوة الحق فى ذاته.. لأن الحق يهدر مثل الرعد فى قلوب المقاومين.
وقد واجه السيد المسيح مواقف كثيرة تدعو إلى الغضب، واحتمل الكثير من الإهانات. ولكنه كان يواجهها بالاحتمال، ويجاوب بطريقة الإقناع الهادئ، كما ذكرنا من قبل عن أسلوبه فى الحوار.
كان السيد المسيح يدعو تلاميذه أن يتعلموا من أسلوبه هذا ويقول لهم: “احملوا نيرى عليكم، وتعلّموا منى لأنى وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم” (مت11: 29).
وبنفس هذه الروح أوصى بولس الرسول تلميذه الأسقف تيموثاوس أن يتجنب الخصومات فى دفاعه عن الحق فقال: “والمباحثات الغبية والسخيفة اجتنبها، عالماً أنها تولد خصومات. وعبد الرب لا يجب أن يخاصم، بل يكون مترفقاً بالجميع، صالحاً للتعليم. صبوراً على المشقات. مؤدِّباً بالوداعة المقاومين، عسى أن يعطيهم الله توبة لمعرفة الحق. فيستفيقوا من فخ إبليس. إذ قد اقتنصهم لإرادته” (2تى2: 23-26).
بالطبع يجب أن يدافع الأسقف عن الحق، ويجب أن يؤدِّب المقاومين، ويجب أن يعزل العضو الفاسد، لئلا يؤثر على بقية الأعضاء. لأن “خميرة صغيرة تخمر العجين كله” (1كو5: 6).
ولكن ما صنعه السيد المسيح، وما أوضحه بولس الرسول، هو أن أسلوب الدفاع، وأسلوب التأديب، ينبغى أن يكون فى إطار الوداعة، وبروح الاتضاع التى تليق بالراعى.
الصراع الحقيقى هو مع إبليس، وليس مع الخطاة، أو مع المقاومين. والراعى الحكيم يهدف إلى تخليص الذين اصطادهم إبليس لإرادته. وهذا لا يتم بالدخول فى عداوة مع من يرغب الراعى فى تخليصهم.. بل بترفقه بهم، وصلاته من أجلهم، ومحاولته إقناعهم، وأحياناً بتأديبه لهم بروح الوداعة. كما لا يجب التفريط فى باقى الرعية، وحمايتهم من التأثير الضار.
أسلوب الصياح والتهديد والدخول فى المعارك الكلامية الصاخبة، لا يتناسب مع اتضاع السيد المسيح كخادم للخلاص.
لهذا قيل عنه “لا يخاصم، ولا يصيح، ولا يسمع أحد فى الشوارع صوته” (مت12: 19).
” قصبة مرضوضة لا يقصف ” (مت12: 20)
بترفقه بالخطاة، وبترفقه بالمقاومين، كان يطيل أناته عليهم، لعله يقتادهم إلى التوبة.
لهذا قيل عنه “قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ، حتى يُخرج الحق إلى النصرة” (مت12: 20).
كم من نفوس خلّصها السيد المسيح بترفقه وطول أناته، مثل زكا العشار، والمرأة السامرية، واللص اليمين، ومثل قائد المئة الذى صلب السيد المسيح، والذى اعترف بألوهيته بعد الصلب مباشرة بقوله: “حقا كان هذا الإنسان ابن الله” (مر15: 39). وكثيرون غيرهم ممن ذكرت أسماؤهم فى الأناجيل أو كانوا فى وسط الجموع الصاخبة التى صرخت: اصلبه اصلبه..
هذه الفتائل المدخنة هذه القصبات المرضوضة كان السبب فى وصولها إلى معرفة الحق أو فى تحررها من سلطان الخطية، هو وداعة السيد المسيح واتضاعه فى خدمته لها.
|