رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
دانيال ورفقاؤه لْيُعْطُونَا الْقَطَانِيَّ لِنَأْكُلَ وَمَاءً لِنَشْرَبَ ... ثُمَّ اصْنَعْ بِعَبِيدِكَ كَمَا تَرَى ( دانيال 1: 12 ، 13) في مقابل فقدان هويتهم، فقد تعرَّض هؤلاء المسبيين الأتقياء لإغراء عنيف في أرضٍ غريبة. فإلى جانب حصولهم على التعليم الأفضل في ذلك الزمن، فجميع احتياجاتهم اليومية سوف تُسدَّد بأفضل صورة على نفقة الملك؛ وفي النهاية سوف يجدون مكانًا مُشرِّفًا بانتظارهم في قصر الملك. بالرغم من كل هذه الامتيازات، فقد كان هناك صعوبات خطيرة في خطة الملك لأُناس مُكرَّسين لله ( دا 1: ٨- ١٧). فلكي يُنفِّذوا خطة الملك بطريقة الملك، كان عليهم أن يعصوا كلمة الله. فالتنعُّم بأطايب الملك هو أكل من أطعمة مُحرَّمة بحسب ناموس إسرائيل. لذا فقد أصبح الإغراء المُقدَّم امتحانًا صعبًا لإيمانهم. وكان الاختبار: هل سيعصون تعليمات الله المباشرة من أجل مصلحة عالمية، أم هل سيبقون أُمناء لكلمة الله بغض النظر عن النتائج؟! كان يمكن أن تُقدَّم العديد من الحجج المعقولة لصالح التسليم غير المشروط لمطَالب الملك. فمبدأ المصلحة العامة سيفترض أن إثارة اعتراض على أوامر الملك، من المُحتمل أن يُدمِّر كل طموحاتهم وتطلعاتهم، كما أنه قد يُنهي تدرجهم الوظيفي الذي قد يكون ذا فائدة لإخوتهم، بل إن هذا قد يُسبب أذى للآخرين، ويزيد من صعوباتهم في الأَسْر. ومبدأ المَنطق – من الناحية الأخرى – سيقتضي أنهم قد دُفعوا لأيدي ملك بابل بسماح من الله، لذا فإن الوضع السليم هو أن يُسلِّموا تمامًا للملك، وإلا فإنهم بذلك يتمرَّدون ضد ما سمح به الرب لهم. أخيرًا، فإن مبدأ المُساومة سيقترح أنهم طالما لم ينكروا إلههم، فإن التعليمات بعدم الأكل من أطعمة معيَّنة يمكن التغاضي عنها في ظل مُلابسات هذا الموقف. فهذه التعليمات يمكن أن تنطبق على أُناس أحرار في بلادهم، أما هم فمُستعَبدون في أرضٍ غريبة؛ فهل هناك ما يدفع إلى الإصرار على التنفيذ الصارم لتعليمات الناموس؟! ولكن مثل هذه الحجج – لو استُخدمت – لم يكن لها أي وزن عند هؤلاء الرجال الأتقياء؛ فامتحانهم قد أظهر تكريسهم؛ إنهم يرفضون التوجُّه بدافع المصلحة العامة، ولا يسيرون على هُدى المَنطق البشري، بل إنهم وضعوا في قلوبهم ألاَّ يدخلوا حتى في أية مُساومة. فالواقع أنهم لم ينسوا أنه بالرغم من فشل إسرائيل، وبالرغم من مُعاناتهم تحت تأديب الله، فإنهم ما زالوا شعب الله الحي الحقيقي الذي يَدينون له بملء خضوعهم القلبي. إنهم مستعدون حقًا للتسليم ليد ملك الأُمم، ولكنهم لن يعصوا كلمة الله. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|