"فغم ذلك يونان غمًا شديدًا فاغتاظ وصلى إلى الرب وقال آه يا رب أليس هذا كلامى إذ كُنت بعد في أرضى. لذلك بادرت إلى الهرب إلى ترشيش لأنى علمت أنك إله رؤوف ورحيم بطئ الغضب وكثير الرحمة ونادم على الشر. فالآن يا رب خُذ نفسي مِنى لأن موتى خير مِن حياتى. فقال الرب هل اغتظت بالصواب" (يون4: 1- 4).
لقد اغتم يونان لتوبة أهل نينوى، ولقبول الرب لتوبتهم، وهذه مشاعر مريضة لا يجب أن تكون عند خادم الرب. أما الخادم الأمين فهو يفرح لرجوع الخاطي، كما قال السيد المسيح عنْ نفسه: "أنا هو الراعى الصالح. والراعى الصالح يبذل نفسه عنْ الخراف. وأما الذي هو أجير وليس راعيًا الذي ليست الخراف له فيرى الذئب مُقبلًا ويترك الخراف ويهرب. فيخطف الذئب الخراف ويُبدٍدها. والأجير يهرب لأنه أجير ولا يُبالى بالخراف. أما أنا فإنى الراعى الصالح وأعرف خاصتى وخاصتى تعرفنى" (يو10: 11- 14). فإن يونان تصرف كأجير وليس كراع صالح.
الخادم الأمين مثل سيده يفرح برجوع الخاطي، بل يُجاهد بأصوام وصلوات ودموع كثيرة أمام الله لكي يرجع الخطاة إلى حظيرة الخراف، كما قال بولس الرسول عن نفسه: "كُنت معكم كُل الزمان أخدم الرب بكُل تواضع ودموع كثيرة وبتجارب أصابتنى بمكايد اليهود. كيف لم أؤخر شيئًا مِن الفوائد إلا وأخبرتكم وعلمتكم به جهرًا وفى كُل بيت" (أع20: 19، 20)، ويقول أيضًا: "لذلك اسهروا مُتذكرين أنى ثلاث سنين ليلًا ونهارًا لمْ أفتر عنْ أن أنذر بدموع كُل واحد" (أع20: 31).